في الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون العلاقة الزوجية مأوىً للأمان والدعم، تعيش كثير من النساء خلف الأبواب المغلقة تجارب قاسية تحت وطأة العنف الزوجي، بكل أشكاله: الجسدي، النفسي، اللفظي، الاقتصادي وحتى الجنسي.
هذا العنف لا يُخلف كدمات مرئية فقط، بل يترك ندوبًا عميقة في الروح يصعب شفاءها، ويقوّض ثقة المرأة بنفسها وقدرتها على الاستمرار.
العنف الزوجي هو أي شكل من أشكال الإساءة أو الأذى النفسي، الجسدي، الجنسي، أو الاقتصادي الذي يرتكبه أحد الزوجين ضد الآخر ضمن علاقة الزواج أو الشراكة العاطفية. يُعرف أيضًا باسم العنف الأسري أو العنف المنزلي، ويشمل مجموعة واسعة من السلوكيات التي تهدف إلى السيطرة أو التسلط أو الإضرار بالطرف الآخر.
العنف الجسدي: كالضرب، والدفع، والتهديد بالسلاح أو الأدوات الحادة.
العنف النفسي أو العاطفي: يشمل الإهانة، التقليل من الشأن، التلاعب النفسي، التهديد بالطلاق أو بالحرمان من الأطفال.
العنف اللفظي: الشتائم، الصراخ، الكلمات الجارحة التي تهدم كرامة الشريك.
العنف الاقتصادي: حرمان الزوجة من المال، أو التحكم التام في دخل الأسرة.
العنف الجنسي: الإكراه على العلاقة الحميمة دون رغبة الطرف الآخر، أو استخدام الجنس كأداة للإذلال أو العقاب.
الصمت ليس ضعفًا دائمًا، بل هو غالبًا نتيجة معقدة لعوامل اجتماعية ونفسية وثقافية، مثل:
الخوف من الفضيحة أو الطلاق.
الاعتماد المالي الكامل على الزوج.
وجود أطفال والخشية من تفكك الأسرة.
غياب الدعم من الأهل أو المجتمع.
غياب الوعي بأن ما يحدث يُعدّ عنفًا وليس "خلافات عادية".
العنف لا يمر مرور الكرام، بل يخلّف وراءه أضرارًا بعيدة المدى، منها:
تأثير جسدي: إصابات مزمنة، أمراض ناتجة عن التوتر المستمر.
تأثير اجتماعي: انعزال، تراجع الأداء المهني أو الاجتماعي.
تأثير على الأطفال: الأطفال الذين يشهدون العنف غالبًا ما يُكررونه لاحقًا، أو يصابون باضطرابات سلوكية ونفسية.
لا توجد وصفة واحدة، لكن هناك خطوات محورية يمكن أن تساعد المرأة على الخروج من دائرة العنف:
أول خطوة للخلاص هي إدراك أن ما تتعرضين له ليس طبيعيًا.
سواء من صديقة موثوقة، أو جهة مختصة، أو مركز دعم النساء المعنّفات.
إذا كان هناك نية قانونية، من المهم توثيق حالات العنف (صور، رسائل، تقارير طبية).
معرفة الحقوق والإجراءات في حال اللجوء للشرطة أو المحكمة.
الدعم النفسي أمر بالغ الأهمية لاستعادة القوة الداخلية وبناء الثقة بالنفس.
مواجهة العنف الزوجي أو الأسري ليست مسؤولية الضحية وحدها، بل المجتمع بأكمله مسؤول عن:
كسر الصمت وعدم التستر على العنف بحجة "الخصوصية الأسرية".
دعم النساء المتضررات بدلًا من لومهن.
تعزيز التربية على احترام الآخر داخل الأسرة.
دعم القوانين التي تجرّم العنف الأسري وتضمن الحماية الفعلية.
العنف الزوجي ليس "شأنًا داخليًا" بل انتهاكًا صارخًا لكرامة الإنسان.
الصمت عليه يمنحه شرعية ضمنية، والمواجهة تبدأ بالوعي والدعم والتكاتف.
لكل امرأة تتألم بصمت: أنتِ لستِ وحدك، وهناك دائمًا طريق نحو النجاة.