في العلاقات المتوازنة، يُفترض أن يكون النجاح مشتركًا، والفرح بالإنجاز مضاعفًا، لأن كل طرف يرى في الآخر امتدادًا له.
لكن هذا لا يكون الحال دائمًا، خاصة عندما تبدأ الزوجة في تحقيق إنجازات واضحة في حياتها المهنية أو الاجتماعية، في وقت لا يحقّق فيه الزوج النجاحات نفسها.
حينها، قد لا يُظهر الرجل دعمه بوضوح، بل يُخفي مشاعر قلق، أو غضب صامت، أو حتى تصرفات توحي بنوع من الغيرة والرفض. فهل يمكن أن يشعر الزوج بالتهديد من تفوق شريكته؟ ولماذا؟
في مجتمعات كثيرة، ما تزال صورة الرجل ترتبط تقليديًا بالقوة، والقدرة على الإنجاز، وقيادة الحياة الزوجية والمهنية.
وعندما تبدأ الزوجة بكسر هذا التصوّر من خلال نجاح لافت، يشعر بعض الرجال بأن دورهم الطبيعي قد تهدّد، خاصة إن كانوا يعانون أصلًا من مشكلات في تقدير الذات أو يمرّون بفترة من الركود المهني أو العاطفي.
غيرة الزوج من نجاح الزوجة لا تكون دائمًا واضحة أو مباشرة. أحيانًا، تظهر في انتقادات متكررة، أو سخرية من طموحاتها، أو تقليل من قيمة إنجازاتها.
وقد يحاول بعض الأزواج فرض مزيد من التحكم على الوقت أو العلاقات، كرد فعل دفاعي داخلي.
بعضهم يختار الانسحاب التدريجي من التواصل، أو يظهر برودًا متعمدًا عند الاحتفاء بأي إنجاز تحقّقه زوجته. وقد تتحوّل هذه المشاعر مع الوقت إلى صراع خفي داخل العلاقة، يضعف رابط الثقة والدعم المتبادل.
من المهم أولًا أن تدرك الزوجة أن الغيرة لا تعني بالضرورة كراهية أو رفضًا لها، بل قد تكون انعكاسًا لأزمة يعيشها شريكها مع نفسه. الحوار الهادئ والصادق يمكن أن يكشف خلفيات السلوك، ويتيح مساحة لتفهّم المشاعر المتبادلة.
أيضًا، الحفاظ على التوازن بين الطموح الشخصي والاهتمام بالعلاقة من شأنه أن يُشعر الشريك بأنه لا يُقصى، بل يُرافق الرحلة.
ومع ذلك، من الضروري ألا تسمح الزوجة لغيرة شريكها أن تحدّ من طموحاتها أو تكسر اندفاعها.
لا يمكن فصل هذه الظاهرة عن البيئة الثقافية التي ما زالت تحتفي بالرجل الناجح وتُحرج المرأة الناجحة إذا كانت أكثر تميزًا من زوجها. وهذا يزيد من الضغط على الطرفين: على المرأة لأن تتخفى خلف نجاحها، وعلى الرجل لأن يثبت ذاته في معركة صامتة مع المقارنات المجتمعية.
غيرة الرجل من نجاح زوجته ليست حُكمًا نهائيًا على العلاقة، بل اختبار دقيق لنضج الشريكين. فالنجاح لا يجب أن يكون تهديدًا، بل فرصة لبناء شراكة حقيقية، تُشرق فيها طاقات الطرفين بدلًا من أن يتنازعا على الضوء.