قد لا يظهر في الصور، ولا يتدخّل برسائل مباشرة، لكنه حاضر… أحيانًا في تعليق عابر، أو في طريقة المقارنة، أو في شعور يصعب تفسيره.
إنه "الطرف الثالث غير المرئي": ذكرى حب قديم لم تُغلق أبوابه تمامًا، فتمتد ظلاله إلى الحاضر من دون استئذان، لتؤثر على العلاقة الحالية بصمت وربما بثقل غير محسوس مباشرة.
كيف تؤثر الذكريات العاطفية السابقة على علاقتنا الحالية؟ وهل من الطبيعي أن يبقى الماضي حاضرًا؟ وما هي العلامات التي تشير إلى أن العلاقة الجديدة تتأثر بتجربة لم تُحسم بعد؟
كثيرون يظنون أن انتهاء العلاقة يعني انتهاء تأثيرها، لكن العاطفة لا تتقيد بزمن. فالمشاعر غير المعالجة، أو النهاية غير الواضحة، قد تترك فراغًا عاطفيًا أو مقارنة غير واعية تلاحقنا في العلاقات الجديدة.
مقارنة الشريك الحالي بالطرف السابق، سواء في التصرفات أو في طريقة التعبير عن الحب.
الحنين المتكرر لتفاصيل علاقة قديمة، خاصة عند حدوث خلاف في العلاقة الجديدة.
الاحتفاظ بعلاقة غير ضرورية مع الطرف السابق بدافع الفضول أو الأمان العاطفي.
صعوبة الثقة الكاملة أو الانخراط العاطفي الكامل في العلاقة الحالية.
لا، من الطبيعي أن نحمل معنا ذاكرة عاطفية، خاصة إن كانت التجربة مؤثرة. الخطورة تكمن حين يتحوّل هذا الماضي إلى معيار نقيس عليه كل جديد، أو حين يصبح ملاذًا عاطفيًا نهرب إليه عند أي خلاف، مما يمنع العلاقة الحالية من النمو الصحي.
العلاقات الناجحة لا تُبنى على نسيان الماضي، بل على التعامل الناضج معه. فحين نكون صادقين مع أنفسنا، ونعطي العلاقة الجديدة حقها في التشكّل بمعزل عن التجارب السابقة، نسمح لأنفسنا بخوض تجربة حقيقية، غير مشروطة ولا مثقلة.
قد لا يكون الطرف الثالث شخصًا حيًّا حاضرًا، لكنه قد يكون حيًا في الذاكرة والمقارنة والتوقعات. والتعامل معه لا يكون بإنكار وجوده، بل بالاعتراف به، وفهم أثره، والتأكد أن أبواب الحاضر مفتوحة فقط لمن يستحق أن يكون فيه.