header-banner
تطوير الذات

أن تتقبلي شكلك هو أول خطوة للسلام الداخلي

تطوير الذات
إيمان بونقطة
8 يوليو 2025,9:00 ص

في زمن تهيمن عليه الصور الشخصية والفلاتر وتطبيقات تعديل الملامح، بات الشعور بالرضا عن شكل الوجه أمرًا نادرًا. نتأمل وجوهنا في المرآة أو في الصور، ونظن أننا نراها كما هي.

لكن ما نراه ليس ما يراه الآخرون، بل هو انعكاس معقّد يحمل في طياته ماضينا، ومخاوفنا، وأحكامًا قديمة علقت بأذهاننا.

هذا الشعور بعدم معرفة وجوهنا كما يراها الغير ليس وهمًا فرديًا، بل جزء من التجربة الإنسانية عبر العصور. حتى مع وجود الكاميرات والهواتف، لم نقترب كثيرًا من رؤية "الحقيقة" بشأن وجوهنا.

مرآة معكوسة وصورة مشوّهة

Preview

صورتنا في المرآة ليست حقيقية: إنها مقلوبة، لحظية، وتُرى من زاوية واحدة فقط. أما الصور الفوتوغرافية، فهي بدورها مسطّحة، تحوّل وجوهنا من ثلاثية الأبعاد إلى بُعدين فقط، وتخضع لتحكّم يد المصوّر أو خوارزمية الكاميرا.

النتيجة؟ تصورنا لوجوهنا ينبني على تركيبة من هذه الانعكاسات المقلوبة والصور المعدلة؛ ما يجعل علاقتنا بشكلنا مشحونة دومًا بالارتباك والتساؤل.

تعبيرات الوجه لا تروي القصة كاملة

ما يراه الناس عندما ينظرون إلينا لا يقتصر على ثبات الملامح. فهم يرون وجوهًا حيّة، تتحرك وتتفاعل وتعكس مشاعرنا وشخصياتنا. وقد تكون الشخصية أهم مما نعتقد في تشكيل انطباع الآخرين عنا.

قد تبتسمين كثيرًا، أو تحملين في عينيك حذرًا دفينًا. هذه التفاصيل الدقيقة، وليست فقط شكل الأنف أو الشفاه، هي ما يلتقطه الآخرون فعليًا عندما ينظرون إليك. وهذا ما يجعلنا نختلف في مظهرنا من شخص لآخر ومن موقف لآخر.

أخبار ذات صلة

لوم الذات يمنعك من تحقيق السعادة

الصورة الذهنية لا علاقة لها بالواقع

أكبر عائق يمنعنا من رؤية أنفسنا كما نحن ليس الكاميرا ولا المرآة، بل صورتنا الذهنية. ما نحمله عن وجوهنا في أذهاننا يتكوّن غالبًا في الطفولة، وقد يلازمنا طوال العمر.

كلمة قاسية من أحد الوالدين، أو تعليق عابر من زميل في المدرسة، قد يصبح بوصلة داخلية تقود نظرتنا إلى أنفسنا. ننظر إلى وجوهنا، ونذهب مباشرة إلى ما نظنه "عيبًا"، ولو لم يلاحظه أحد سوانا.

في المقابل، من تربّى على الشعور بالجاذبية، قد يظل متمسكًا بصورة إيجابية عن نفسه، حتى مع تغير العمر أو الملامح.

التكنولوجيا تؤكد التحيّز

في دراسة نُشرت في British Journal of Psychology طلبت من طلاب جامعيين اختيار "أكثر صورة تمثلهم بدقة" من بين 10 صور لهم. فاختاروا، بطبيعة الحال، أكثر الصور إرضاءً، لا أدقّها. أما الغرباء، الذين لم يروا إلا فيديوهات قصيرة لهؤلاء الطلاب، فاختاروا الصور الأكثر دقة، بحسب تحليل تكنولوجي للملامح.

ما تعنيه هذه الدراسة بسيط لكنه عميق: لا نستطيع أن نرى أنفسنا بشكل موضوعي؛ لأن مشاعرنا تسبق أعيننا.

كيف نُعيد السلام بيننا وبين وجوهنا؟

ليس الحل أن نحب شكلنا دائمًا أو أن نُقنع أنفسنا أننا أجمل مما نعتقد. بل أن نهدأ في حضرة وجوهنا، ونتصالح مع حقيقة أن رؤيتنا لها لن تكون يومًا حيادية.

تقبّلي التغيّر

الملامح تتبدل مع الوقت. لا تحكمي على وجهك من خلال ذاكرة عمر سابق.

ركّزي على الكل لا الجزء

لا تدعي "عيبًا" صغيرًا يسرق انتباهك عن ملامحك ككل.

ارحمي نفسك من المقارنات

لا تعيشي تحت ضوء صور المشاهير المعدّلة. وجهك لا يحتاج إلى جمهور، بل إلى صديقة.

ثقي بانطباع الآخرين

من يرونك حقًا، لا يركزون على الزوايا التي تكرهينها. بل يلتقطون ابتسامتك، عينيكِ عندما تتكلمين بشغف، أو هدوءك حين تنصتين.
 

وجوهنا ليست مرآة نقيّة، بل حكاية نحملها معنا. نراها بأعين مشوّشة بالحكم والمقارنة والخوف. ومع ذلك، يمكن أن نتعلم أن نكون أكثر لطفًا، لا مع شكل الوجه فقط، بل مع المعنى الذي نُحمّله إياه.

في النهاية، لا أحد يراكِ كما ترين نفسك. وهذا، إن تأملتِ فيه، قد يكون شيئًا جميلًا جدًا.

أخبار ذات صلة

فن الإصغاء إلى الذات في زمن ضجيج الحياة والآراء

 

footer-banner
foochia-logo