تحلم كل أم أن يأكل طفلها طعامًا صحّيًا ومتوازنًا، وأن يُفضّل وجبات البيت على الوجبات السريعة أو الأطعمة المصنّعة.
لكن الواقع اليومي كثيرًا ما يكون مليئًا بالتحديات: طفل يرفض الخضار، يطلب الأطعمة الجاهزة بإلحاح، أو يُغريه ما يراه في الإعلانات أو عند الأصدقاء.
فكيف نعيد ترتيب هذه العلاقة منذ البداية؟ وهل من الممكن فعلًا أن نعلّم الطفل حبّ الأكل الصحي وهو لا يزال صغيرًا؟.
في هذا المقال، نقدم لك خطوات عملية وأفكارًا مجرّبة تساعدك على تعليم طفلك حبّ الطعام المنزلي والتغذية السليمة دون صراخ أو إجبار.
أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين يتذوقون الخضار والفواكه والحبوب منذ مراحل مبكرة يكونون أكثر تقبّلًا لها لاحقًا. لذلك، ابدئي بتقديم مجموعة متنوعة من النكهات الطبيعية منذ دخول الطفل مرحلة الطعام الصلب، وركّزي على الطعم الأصلي دون إضافات سكّر أو ملح.
نصيحة ذهبية: لا تيأسي من أول رفض. الطفل قد يحتاج لتجربة الطعم نفسه أكثر من 10 مرات قبل أن يبدأ بتقبّله.
أشركي طفلك في إعداد الطعام بطريقة تناسب عمره: غسل الخضار، تقليب المكونات، ترتيب المائدة. هذا الشعور بالمشاركة يخلق ارتباطًا إيجابيًا بالطعام المنزلي، ويجعله فخورًا بما يُحضّره.
فكرة مبتكرة: خصّصي يومًا في الأسبوع ليختار الطفل الطبق الذي ستحضرونه معًا. دعيه يسميه باسم طريف، ويرى صورته في طبق التقديم.
من الطبيعي أن يتأثر الطفل بعاداتك. فإذا كنتِ تعتمدين كثيرًا على الوجبات الجاهزة أو تتناولين الطعام أمام الشاشات، سيقلّدك دون أن يدرك. لذلك، احرصي على أن تكون اختياراتك صحّية، وأن يرى طفلك أنك تستمتعين بالأكل المنزلي أيضًا.
الإلحاح المستمر أو العقاب بسبب "سوء الأكل" قد يأتي بنتائج عكسية. بدلاً من التركيز على الكمية، شجّعيه على التذوق والتجربة. امدحي أي خطوة إيجابية حتى لو كانت بسيطة.
بدلًا من القول: "كُلْ وإلا لن تشاهد التلفاز"،
قولي: "تذوّق هذا النوع الجديد لأراك شجاعًا اليوم!".
الشكل يهم! خاصّة لدى الأطفال. قطّعي الخضار بأشكال مرحة، استخدمي الألوان، رتّبي الوجبة بطريقة فنية. الطفل يأكل بعينيه أولًا.
من الصعب أن يُفضّل الطفل طبق العدس في وجود رقائق البطاطا أو الحلويات الجاهزة على الطاولة. حدّي من تواجد هذه الخيارات في البيت، دون حرمان تام، وعلّميه أن لها وقتًا ومقدارًا معيّنًا.
بدل أن تقولي "كُل الخضار لتكون نحيفًا" أو "لا تأكل الحلويات حتى لا تُصبح سمينًا"، اربطي الطعام بالصحة والطاقة والنشاط. هذا يعزز علاقة إيجابية مع الأكل، ويمنع اضطرابات الأكل لاحقًا.
هناك قصص مصوّرة جميلة تعلّم الأطفال أهمية الأكل الصحي بطريقة ممتعة. كما توجد برامج موجهة للصغار تشرح كيف ينمو الجسم بالطعام الجيد. استغلّي هذه الوسائل لتقوية الرسالة بشكل غير مباشر.
حتى ضمن قائمة الأطعمة الصحية، لكل طفل ذوقه الخاص. لا تجبريه على صنف معيّن إن كان لا يحبّه، وبدّليه بخيار مغذٍ آخر. احترام ذوقه يعلّمه الثقة بنفسه، ويمنحه دورًا في اختيار طعامه دون تذمّر.
تعليم الطفل حب الأكل الصحي ليس مهمة مؤقتة، بل هو أسلوب تربية يُغرس بالتدريج، ويستمر تأثيره مدى الحياة. حين يتعلّم الطفل أن البيت هو المكان الذي يجده فيه دفء المذاق، وصدق النكهة، ورعاية الأم، سيظل يفضّل طعام البيت على أي خيار آخر، مهما كبر أو تغيّرت الأوقات.