قد تكون لحظات التعبير الأولى عند الطفل مليئة بالتلعثم والتردد؛ ما يُربك الأهل ويطرح تساؤلات كثيرة: هل ما نسمعه مجرد تردد طبيعي في بداية المشوار اللغوي؟ أم أن التأتأة بدأت تُظهر على الطفل؟
في مثل هذه المواقف، تبرز أهمية التوجيه المهني والتشخيص السليم، وهو ما سلطت الضوء عليه الأخصائية في النطق واللغة سارة نعمة، في حوارها مع موقع "فوشيا" من خلال إجابات واضحة ومدروسة حول التأتأة عند الأطفال، وأهم ما يجب على الأهل معرفته لدعم طفلهم في هذه الرحلة.
بحسب الأخصائية سارة نعمة، هناك مؤشرات واضحة تنذر ببداية التأتأة،
من أبرزها:
تشير الأخصائية إلى أن التأتأة قد تكون طبيعية بين عمر السنتين والخمس سنوات، وهي مرحلة يمر فيها الطفل بتطور لغوي ملحوظ، يتضمن تعلم كلمات جديدة وبناء جمل أطول.
ولكن، إذا أصبحت التأتأة مستمرة ومعيقة للتواصل، ورافقها تكرار أو تعليق في الكلام بشكل يؤثر على إيصال الفكرة، عندها يجب استشارة أخصائي نطق ولغة للتشخيص والتوجيه.
حددت الأخصائية سارة نعمة ثلاثة أسباب رئيسة:
تشدد نعمة على أن تعامل الأهل مع التأتأة يمكن أن يكون إما داعمًا أو مثبطًا.
تقول: لا يجب تصحيح الطفل أو مقاطعته أثناء الحديث. الأهم هو منحه الوقت الكافي، والتواصل معه بعينين هادئتين وابتسامة مشجعة.
وتضيف: ينبغي أن يخفض الأهل من سرعة كلامهم، ويُظهروا الاهتمام بما يقوله الطفل، لا بكيفية نطقه فقط. هذه الرسائل غير اللفظية تعزز ثقته بنفسه.
كما تشدد الأخصائية على أن طريقة تعامل الأهل لها تأثير بالغ، وإن لم يكونوا السبب في ظهور التأتأة. ومن أهم النصائح:
من البرامج الفعالة التي يتم اعتمادها في العلاج:
هو برنامج علاجي سلوكي يُطبّق عادة مع الأطفال الصغار، ويقوم على مشاركة الأهل بشكل مباشر.
يعتمد على تعزيز الطلاقة من خلال مدح الطفل عندما يتحدث بطلاقة، وتشجيعه بشكل إيجابي، ومساعدته بلطف عند ظهور التأتأة.
يقوم الأهل بتطبيق التمارين في البيت تحت إشراف أخصائي النطق؛ ما يجعل العلاج جزءًا من الحياة اليومية للطفل، ويُشعره بالأمان والدعم.
تهدف هذه التقنيات إلى تعليم الطفل طريقة جديدة للكلام تكون أكثر سلاسة وطلاقة، من خلال تدريبه على:
تساعد هذه الطريقة في تقليل فرص التأتأة من الأساس، من خلال تحسين نمط الكلام بشكل عام.
في هذا النوع من العلاج، لا يكون التركيز فقط على منع التأتأة، بل على مساعدة الطفل في التعامل معها عندما تحدث.
يتعلّم الطفل كيف يتجاوز لحظات التأتأة بهدوء، ويستخدم طرقًا لتخفيف التوتر المصاحب لها، مثل:
تهدف هذه الطريقة إلى تقليل القلق والخجل المرتبط بالتأتأة، وتمكين الطفل من الكلام بثقة حتى لو ظهرت التأتأة أحيانًا.
نعم، تؤكد الأخصائية أن القلق والتوتر لا يسببان التأتأة بشكل مباشر، لكنهما يفاقمان الأعراض ويجعلانها أكثر وضوحًا لدى الطفل.
وتقول سارة: التأتأة بحد ذاتها ليست ناتجة عن توتر نفسي، لكنها قد تزداد في المواقف التي تثير القلق عند الطفل، مثل التحدث أمام مجموعة أو الخوف من التعرض للتصحيح أو السخرية. لذلك، من المهم خلق بيئة آمنة تشجع الطفل على التعبير دون خوف أو ضغط.
من الأخطاء الشائعة:
وتؤكد الأخصائية سارة على ضرورة العمل الجماعي بين الأهل والمعلمين والأخصائيين كفريق واحد لدعم الطفل ومساعدته على تجاوز هذا التحدي.
التدخل المبكر هو المفتاح. على الأهل ألا يتأخروا في التواصل مع أخصائي النطق واللغة، والتعلم من خلاله كيفية دعم طفلهم، وفهم التأتأة كظاهرة يمكن التعامل معها بفعالية، دون شعور بالذنب أو التوتر.
التأتأة ليست نهاية الطريق، بل قد تكون بداية لاكتشاف المزيد عن طفلك، وعن طرق تعبيره واحتياجاته الخاصة. مع الصبر، والدعم، والتوجيه المهني، يستطيع الطفل أن يعبر عن نفسه بثقة، ويخوض تجربة النمو اللغوي بنجاح وأمان.