header-banner
أمومة

لماذا أصبح طفلي وقحًا؟

أمومة
إيمان بونقطة
3 أغسطس 2025,8:00 ص

في لحظات الإحباط، قد تسمعين نفسك تقولين: ما الذي حدث لطفلي؟ كان لطيفًا ومهذبًا، والآن لا يكف عن الردّ، أو تجاهل التعليمات، أو التصرف بوقاحة!

هذه الجملة تتكرر على ألسنة كثير من الأمهات، لا سيما حين يشعرن بأن أطفالهن لا يعودون كما كانوا.

لكن السؤال الأهم ليس "لماذا أصبح وقحًا؟" بل: ماذا يحاول أن يخبرني؟

غالبًا ما يُنظر إلى سلوكات التحدي أو "الوقاحة" في الطفولة على أنها نتيجة لتربية غير حازمة أو دلال زائد أو حتى سوء خلق، لكن علم النفس الحديث، وتحديدًا مجال التربية الواعية، يدعونا لنفكر بشكل مختلف: ماذا لو كان السلوك الوقح مجرد قناع لسوء التنظيم العاطفي، أو للبحث عن قوة داخلية مفقودة.

خلف السلوك الحاد.. طفل يعاني

1bd65e07-22e3-4a57-a7f9-dcd38ff669bf

حين يصرخ الطفل، أو يتحدث بنبرة استهزاء، أو يرفض الأوامر بعنف، لا يعني ذلك بالضرورة أنه سيء السلوك، بل قد يكون:

  • مرهقًا نفسيًا بعد يوم طويل في المدرسة أو التعرض لضغط اجتماعي.
  • مرتبكًا عاطفيًا ولا يعرف كيف يعبّر عمّا يشعر به بطريقة لائقة.
  • باحثًا عن السيطرة في عالم يشعر فيه بأنه صغير وعاجز.
  • فاقدًا للاتصال العاطفي، ويريد جذب انتباهك ولو بالسلوك السلبي.

من المهم أن نتذكر أن الأطفال لا يملكون بعد المهارات الكاملة للتعبير عن الانزعاج أو الغضب أو الإحباط، فبدلًا من قول "أنا متوتر" أو "أحتاج دعمك"، يظهرون ذلك في سلوكات تبدو "وقحة" أو استفزازية.

هل هو اختبار لحدودي أم اختبار لوجودي؟

سلوك التحدي لا يعني دائمًا أن الطفل يحاول استفزازك أو كسر سلطتك، بل كثيرًا ما يكون طريقة غير مباشرة يسأل بها:

  • هل ما زلتِ تحبينني حين أكون صعبًا؟
  • هل يمكنني الاعتماد عليك عندما أكون غير مثالي؟
  • هل ترينني حين أتصرف بطريقة سيئة، أم تتخلين عني؟

الطفل لا يبحث عن المواجهة، بل عن الاحتواء، يريد التأكد أنكِ قادرة على التعامل مع مشاعره العارمة، من دون أن تنهاري أو تبتعدي.

أخبار ذات صلة

طفلك ليس عنيداً.. اجعليه قائدا بحسن توجيهك

طفلك ليس عنيداً.. اجعليه قائدا بحسن توجيهك

كيف أفرّق بين الوقاحة والتعبير عن الحاجة؟

لفهم ما إذا كان السلوك الوقح يعكس مشكلة أعمق، راقبي:

  • الزمن: هل يتكرر السلوك في أوقات معينة من اليوم (مثل بعد المدرسة، أو وقت النوم)؟
  • البيئة: هل يتصادف مع تغييرات في حياته (انتقال، أو ولادة أخ، أو توتر عائلٍ)؟
  • اللغة: هل يستخدم كلمات مؤذية فعلًا، أم فقط نبرة تحدٍ أو رفض؟
  • التكرار: هل هي لحظات متقطعة، أم سلوك ثابت ودائم؟

حين نربط السلوك بالسياق، نفهم أن "الوقاحة" ليست دائمًا نقصًا في الأدب، بل أحيانًا صرخة لم يسمعها أحد.

ماذا أفعل عندما يتحدث طفلي بوقاحة؟

قبل أن تحكمي على طفلك وتلصقي به وابلًا من المسميات، حاولي تطبيق هذه النصائح:

  • احتفظي بهدوئك: لا تجاري نبرته أو تنزلي لمستواه، أنتِ البالغة في المعادلة.
  • اعكسي المشاعر بدلًا من مواجهة السلوك مباشرة: قولي مثلًا "أشعر أنك غاضب الآن... هل هناك شيء أزعجك؟".
  • ثبتي الحدود بلطف ووضوح: "لن أسمح بأن تتحدث معي بهذه الطريقة، يمكننا التحدث عندما تكون مستعدًا".
  • ابحثي عن الأسباب الخفية: هل هناك قلق؟ أو إحباط؟ أو حاجة للتواصل؟ أحيانًا يكون الجواب خلف الكلمات، لا فيها.
  • امنحيه فرصًا للقوة الإيجابية: أشركيه في اتخاذ بعض القرارات، أو أعطيه مسؤوليات بسيطة، امدحي مواقفه اللطيفة.


السلوكات الصعبة لا تعني أنكِ أم سيئة أو أن طفلك "خرج عن السيطرة"، بل قد تكون ببساطة الطريقة الوحيدة التي يعرفها للتعامل مع عالمه الداخلي المعقّد، ومهمتكِ، كراشدة واعية، ليست القضاء على السلوك فورًا، بل مساعدته على فهمه، وتعلّم طرق أكثر وعيًا للتعبير عنه.

حين تنظرين إلى "الوقاحة" كعرض لا كجوهر، ستتمكنين من رؤية ما هو أعمق: طفل يبحث عن الأمان، وعن الاعتراف، وعن مساحة حقيقية ليكون هو.

أخبار ذات صلة

تربية طفل مرن نفسيا في عالمنا المعقد

تربية طفل مرن نفسيا في عالمنا المعقد

 

google-banner
footer-banner
foochia-logo