في لحظات الإحباط، قد تسمعين نفسك تقولين: ما الذي حدث لطفلي؟ كان لطيفًا ومهذبًا، والآن لا يكف عن الردّ، أو تجاهل التعليمات، أو التصرف بوقاحة!
هذه الجملة تتكرر على ألسنة كثير من الأمهات، لا سيما حين يشعرن بأن أطفالهن لا يعودون كما كانوا.
لكن السؤال الأهم ليس "لماذا أصبح وقحًا؟" بل: ماذا يحاول أن يخبرني؟
غالبًا ما يُنظر إلى سلوكات التحدي أو "الوقاحة" في الطفولة على أنها نتيجة لتربية غير حازمة أو دلال زائد أو حتى سوء خلق، لكن علم النفس الحديث، وتحديدًا مجال التربية الواعية، يدعونا لنفكر بشكل مختلف: ماذا لو كان السلوك الوقح مجرد قناع لسوء التنظيم العاطفي، أو للبحث عن قوة داخلية مفقودة.
حين يصرخ الطفل، أو يتحدث بنبرة استهزاء، أو يرفض الأوامر بعنف، لا يعني ذلك بالضرورة أنه سيء السلوك، بل قد يكون:
من المهم أن نتذكر أن الأطفال لا يملكون بعد المهارات الكاملة للتعبير عن الانزعاج أو الغضب أو الإحباط، فبدلًا من قول "أنا متوتر" أو "أحتاج دعمك"، يظهرون ذلك في سلوكات تبدو "وقحة" أو استفزازية.
سلوك التحدي لا يعني دائمًا أن الطفل يحاول استفزازك أو كسر سلطتك، بل كثيرًا ما يكون طريقة غير مباشرة يسأل بها:
الطفل لا يبحث عن المواجهة، بل عن الاحتواء، يريد التأكد أنكِ قادرة على التعامل مع مشاعره العارمة، من دون أن تنهاري أو تبتعدي.
لفهم ما إذا كان السلوك الوقح يعكس مشكلة أعمق، راقبي:
حين نربط السلوك بالسياق، نفهم أن "الوقاحة" ليست دائمًا نقصًا في الأدب، بل أحيانًا صرخة لم يسمعها أحد.
قبل أن تحكمي على طفلك وتلصقي به وابلًا من المسميات، حاولي تطبيق هذه النصائح:
السلوكات الصعبة لا تعني أنكِ أم سيئة أو أن طفلك "خرج عن السيطرة"، بل قد تكون ببساطة الطريقة الوحيدة التي يعرفها للتعامل مع عالمه الداخلي المعقّد، ومهمتكِ، كراشدة واعية، ليست القضاء على السلوك فورًا، بل مساعدته على فهمه، وتعلّم طرق أكثر وعيًا للتعبير عنه.
حين تنظرين إلى "الوقاحة" كعرض لا كجوهر، ستتمكنين من رؤية ما هو أعمق: طفل يبحث عن الأمان، وعن الاعتراف، وعن مساحة حقيقية ليكون هو.