في ساحات المدرسة، وعلى مجموعات الواتساب، وفي تعليقات مواقع التواصل، تجد الأم نفسها تحت مجهر لا يرحم.
مجهر الأمهات الأخريات: أولئك اللواتي يقيّمن، يقارِنَّ، وينتقدن – أحيانًا بصمت، وأحيانًا بصوت عالٍ.
تصبح تفاصيل التربية الصغيرة ساحة لمنافسة غير معلنة، من نوع الحليب الأفضل إلى أسلوب النوم الأنسب، ومن طريقة الحديث مع الطفل إلى عدد الأنشطة التي يشارك فيها.
كيف يؤثر هذا الضغط الخفي -أو العلني- على الأم؟ ولماذا نجد أنفسنا نتغيّر أحيانًا كي ننال رضا أمهات لا نعرفهن حتى معرفة حقيقية؟
لا تحتاج المقارنة بين الأمهات إلى اعتراف واضح. يكفي أن تروي إحداهن كيف أن طفلها بدأ القراءة في سنّ الثالثة، حتى تبدأ الأخريات في مراجعة أداء أبنائهن بصمت.
في عالم الأمومة، يُقاس النجاح أحيانًا بمعايير غير واقعية، وتتحول الإنجازات الفردية إلى مقاييس ضغط جماعية.
المشكلة؟ أن هذه المقارنات لا تعكس الواقع الكامل. فكل أم وطفل يعيشان ظروفًا مختلفة، لكن المشهد الظاهري -خاصة على وسائل التواصل- قد يعطي انطباعًا زائفًا بالكمال.
رغبة الأم في أن تكون "جيدة بما يكفي" ليست ضعفًا، بل تعبير عن التزامها. لكن حين يتحول هذا السعي إلى محاولة لإرضاء الجميع، تصبح الأم أسيرة لنظرات وتوقعات لا تنتهي.
تشعر الأم بالضغط لأن تقييم الأمهات الأخريات غالبًا ما يلامس أعمق مخاوفها: هل أقوم بما يكفي؟ هل سأندم لاحقًا؟ هل سيتأثر طفلي لأنني لا أفعل كذا أو كذا؟
راقبي متى ولماذا تتأثرين برأي الأم الأخرى. هل هو شعور بالذنب؟ مقارنة؟ أم نقص في الدعم؟
ليس عليكِ الرد على كل نصيحة، أو التفاعل مع كل تجربة تُروى أمامك.
لا يوجد أسلوب أمومة واحد صالح للجميع.
تواصلي مع أمهات يدعمن لا يحكمن، يشجّعن لا ينتقدن.
الأم التي تبدو مثالية قد تكون مرهقة أو حزينة خلف الكواليس.
تربية الأطفال ليست عرضًا عامًا، بل رحلة خاصة، مليئة بالتجربة والخطأ، والحب غير المشروط. كلما قلّ تأثير نظرات الأمهات الأخريات على قراراتك، زاد حضورك الحقيقي في علاقة ناضجة مع طفلك.
حين تعيش الأم تحت "رقابة اجتماعية ناعمة"، قد تنسى أن المرجع الأهم في أمومتها هو قلبها وحدسها وظروفها الخاصة. لا بأس أن نسمع تجارب الأخريات، لكن الأهم أن نُصغي إلى ما يناسبنا نحن. ففي النهاية، لا أحد يعيش يومك مع طفلك سواكِ.