لم يعد التطوّر يتوقف لحظة من الزمن في عصر الذكاء الاصطناعي، إذا لم تعد الأجهزة أدوات تنفذ الأوامر فقط، بل بدأت تتعلم كيف تفهم المشاعر وتتجاوب معها.
وربما جربت بنفسك ذلك من خلال الحديث مع تقنيات شات جي بي تي وغيرها من برامج المحادثات.
هذا المجال الجديد يسمى تكنولوجيا المشاعر أو "التكنولوجيا العاطفية"، ويدمج بين علم النفس وعلوم الكمبيوتر، بهدف تطوير أدوات تكنولوجية تستطيع أن تتعرف على مشاعرنا وتتفاعل معها بطريقة مناسبة.
وتعتمد هذه التكنولوجيا على تحليل معلومات بيولوجية (جسدية) مثل: تعابير الوجه: كيف يبدو وجهك عندما تكون سعيدا، حزينا، أو غاضبا.
أو تستطيع كشف نبرة الصوت، وكيف يتغير صوتك عندما تكون متحمسا أو متوترا.
ويحدث ذلك عبر الإشارات العصبية، النشاط الكهربائي في الدماغ الذي يرتبط بمختلف المشاعر وحركات الجسم التي تعكس حالتك النفسية.
تهدف هذه الأجهزة، إلى جعلها تستجيب لمشاعرنا بشكل طبيعي وسهل الفهم، تماما كما نتفاعل مع بعضنا البعض كبشر ومن الأمثلة على هذه الأجهزة التكنولوجية:
Muse هو جهاز يوضع على الرأس مثل عصابة. يقوم هذا الجهاز بقياس نشاط دماغك في أثناء ممارستك للتأمل باستخدام تقنية تسمى EEG (مخطط كهربية الدماغ).
عندما تبدأ في التأمل، يتعرف Muse على ما إذا كنت مركزا أو شارد الذهن.
ويصدر الجهاز أصواتا هادئة ومريحة. وإذا بدأ عقلك في الشرود، قد تسمع أصواتا أخرى تنبهك بلطف.
الهدف من هذا الجهاز هو مساعدتك على تحسين جودة تأملك وجعلك تشعر بالاسترخاء الذهني بشكل أفضل.
يُستخدم Muse أيضا في العلاج النفسي ومساعدة الرياضيين ورجال الأعمال على زيادة تركيزهم وتقليل التوتر.
يتميز الجهاز بسهولة استخدامه، ويقدم لك تطبيقا على هاتفك يعرض تقارير مفصلة عن جلسات التأمل بعد انتهائها.
يعتبر جهاز Elliq روبوت شخصي تم تصميمه ليكون رفيقا لكبار السن في منازلهم، ويعمل كمساعد رقمي يفهم مشاعرهم.
وهذا الروبوت لا يقوم فقط بتنفيذ المهام اليومية البسيطة، بل يمكنه أيضا قراءة تعابير الوجه ونبرة الصوت لتحديد ما إذا كان الشخص سعيدا، حزينا.
وإذا لاحظ Elliq أن المستخدم هادئا لفترة طويلة، قد يبدأ في التحدث معه، أو يقترح عليه سماع الموسيقى، أو يذكره بالاتصال بأفراد عائلته.
هذا النوع من الروبوتات الذكية يعتبر خطوة مهمة في مجال الرعاية الصحية النفسية لكبار السن؛ لأنه يوفر لهم دعما عاطفيا مستمرا ويساعد في تقليل شعورهم بالوحدة.
EmotiBit هو جهاز صغير يوضع على الذراع. يقوم هذا الجهاز بجمع معلومات بيولوجية من جسمك مثل درجة حرارة الجلد، كمية التعرق، معدل ضربات القلب، ونسبة الأكسجين في الدم.
وباستخدام هذه المعلومات، يمكن للجهاز أن يحدد حالتك العاطفية وفهم الإشارات الجسدية وتحويلها إلى مشاعر واضحة مثل القلق، السعادة، التوتر، أو الهدوء.
EmotiBit مفيد جدًا للباحثين للذين يرغبون في فهم كيف تتغير مشاعرهم على مدار اليوم.
ويستخدم الجهاز أيضا في المدارس لتحليل تفاعلات الطلاب في أثناء الدروس، أو في جلسات العلاج النفسي لتقييم تأثير الحديث أو التمارين على حالة المريض.
يوفر هذا الجهاز تجربة فريدة من نوعها حيث تتحول بيانات جسدك إلى لغة عاطفية يمكنك فهمها؛ ما يساعدك على تحسين سلوكك وردود أفعالك.
بعض التقنيات والأجهزة التي تتقن فهم العاطفة، ليست بديلة عن الأشخاص، لكنها قد تفيد في حالات كثيرة يبحث فيها الشخص عن الاسترخاء أو الهدوء وربما عدم الشعور بالوحدة.
وعلى الرغم من أن هذا المجال لا يزال في بداياته، إلا أنه يمثل تطورا كبيرا في طريقة تفاعلنا مع الأجهزة التكنولوجية.