يبتكر بعض الأشخاص في ظل التوسع السكاني الهائل، والخوف من تراجع الأراضي الصالحة للزراعة والموارد المائية، محاولات المدن العمودية في ناطحات سحاب زراعية.
وهذا التفكير في الحلول يكسر حواجز المكان كطوق نجاة لصناعة نظام بيئي متكامل يتم فيه السكن والعمل والإنتاج الغذائي داخل مبنى واحد ضخم؛ ما يعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والبيئة في قلب المدينة. وهذا المستقبل يَعِد أيضا بزراعة الخضار والفواكه على ارتفاع مئات الأمتار.
في مواجهة التوسع الحضري، بدأ الناس في البحث عن مفهوم المدينة العمودية كحل لهذه المشكلة المتنامية، وبحسب موقع Smart Cities Dive، فالمدينة العمودية هي بيئة كاملة في ناطحة سحاب ضخمة، تحمل مفتاح حل مشكلة الاكتظاظ السكاني، والكثير من الفوائد تعرّف عليها:
الزراعة العمودية داخل ناطحات السحاب تستخدم تقنيات مثل الزراعة المائية (Hydroponics) والزراعة الهوائية (Aeroponics)، والتي تقلل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 95% مقارنة بالزراعة التقليدية.
وذلك يعني أنه يمكن إنتاج المحاصيل على مدار العام بغض النظر عن الظروف المناخية القاسية؛ ما يضمن إمدادا ثابتا ومحليا من الغذاء الطازج للمقيمين في المدينة نفسها.
هذه الكفاءة في استخدام الموارد والتحكم في البيئة الزراعية يمثلان حجر الزاوية في تحقيق الأمن الغذائي الحضري.
في نموذج المدينة العمودية، تصبح المزرعة والمستهلك على بعد طوابق قليلة. وهذا يقلل بشكل كبير مما يعرف بأميال الغذاء، وهي المسافة التي تقطعها المنتجات الغذائية من المزرعة إلى المائدة.
ومثل تلك الآلية من الإمداد لا توفر فقط تكاليف النقل والوقود، ولكنها تقلل أيضا من انبعاثات الكربون الناتجة عن الشحن والتخزين، ويسمح بقطف المحاصيل في ذروة نضجها؛ ما يحافظ على قيمتها الغذائية.
كما أن استخدام الأرض يصبح أكثر كفاءة؛ إذ يمكن التخلي عن مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية التقليدية لصالح استعادة البيئات الطبيعية.
رغم الأفكار الجميلة لمثل هذه الابتكارات لا تزال هناك تحديات كبيرة تحول دون الانتشار الواسع للأبراج وناطحات السحاب الزراعية.
فالتكلفة الأولية الهائلة لبناء وتشغيل هذه الهياكل تعتبر العائق الأكبر؛ إذ تتطلب أنظمة إضاءة صناعية (LED) معقدة، وأنظمة تهوية وتحكم بيئي متطورة.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال هناك نقاش حول استدامة البيئة والطاقة اللازمة لتشغيل هذه الأنظمة، وإن كانت بعض المشاريع تعتمد على مصادر طاقة متجددة متكاملة.
لكن مع استمرار التقدم في تكنولوجيا الطاقة الشمسية وكفاءة إضاءة LED، يتوقع أن تصبح هذه الأبراج قابلة للتطبيق الاقتصادي على نحو متزايد.
حلم المدن العمودية والزراعية لم يعد حلما بالعصر الحالي والتطورات الهائلة في التكنولوجيا. ورغم التحديات التمويلية والتقنية فالنجاح ضرورة حتمية لمواجهة التحديات العالمية.