لا تقتصر الدهون الزائدة على منطقة البطن فحسب، كما يظن الكثيرون، بل قد تتراكم أيضاً حول القلب فيما يُعرف بـ"الدهون فوق القلبية" أو الدهون القلبية الحشوية (Epicardial Fat). هذا النوع من الدهون يُعد من أخطر أنواع الدهون التي قد تهدد صحة القلب وتزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين.
تشير الدراسات إلى أن تراكم الدهون حول القلب لا يكون ظاهراً دائماً، لكنه مرتبط بعوامل مثل السمنة المفرطة، ونمط الحياة غير الصحي، وقلة النشاط البدني.
بحسب الدكتور أميت كومار تشوراسيا، رئيس قسم القسطرة القلبية في مستشفى "Artemis"، فإن الدهون فوق القلبية (Epicardial Fat) تُعد نوعاً من الدهون الحشوية التي تتراكم بين عضلة القلب (myocardium) والغشاء الداخلي الذي يحيط به. وقد أوضح في حديثه لمجلة onlymyhealth الصحية، أن هذه الدهون تغطي ما يقارب 80% من سطح القلب، مع تركّز أكبر في تجاويف القلب وجدرانه.
وتشير الدراسات إلى أن كمية الدهون فوق القلبية تزداد مع التقدم في العمر، وزيادة الوزن، والإصابة بمرض السكري، كما أنها أكثر شيوعاً لدى النساء مقارنة بالرجال.
ورغم أن وجود نسبة صغيرة من هذه الدهون يُعتبر طبيعياً وضرورياً لحماية القلب، فإن تراكمها الزائد يمكن أن يشكل خطراً حقيقياً. فهي قد تعيق تدفق الدم بشكل طبيعي وتؤثر سلباً على الإشارات الكهربائية التي تنظم نبض القلب، وتزيد خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل الرجفان الأذيني، أو حتى النوبات القلبية.
في المراحل الأولى، قد لا تظهر الدهون فوق القلبية أو الدهون القلبية الحشوية أي أعراض واضحة. لكن مع تقدم الحالة، قد تظهر علامات مشابهة لأعراض أمراض القلب المبكرة، مثل:
ويؤكد الدكتور أميت أن تراكم الدهون داخل عضلة القلب قد يعيق الإشارات الكهربائية المسؤولة عن تنظيم نبضات القلب، مما يسبب اضطرابًا في نظم القلب.
على الرغم من أن هذه الأعراض قد تبدو بسيطة في البداية، إلا أنها قد تكون مؤشرًا على مشاكل قلبية خطيرة تستدعي مراجعة الطبيب فورًا.
يسهم نمط الحياة غير الصحي في زيادة تراكم الدهون حول القلب، وتشمل أبرز هذه العوامل:
هذه العوامل لا تقتصر على التسبب في انسداد الشرايين فحسب، بل تسهم بشكل مباشر في تراكم الدهون داخل عضلة القلب وحولها، وهي حالة تعرف باسم التشحّم القلبي (Cardiac Steatosis). وتُشابه هذه الحالة في تأثيراتها متلازمة التمثيل الغذائي ومرض الكبد الدهني.
تراكم الدهون المفرطة حول القلب لا يؤثر فقط على مظهر القلب الخارجي، بل يسبب اضطرابات وظيفية وهيكلية خطيرة. هذه الدهون تسهم في إثارة الالتهابات وتؤثر سلبًا على عمليات الأيض داخل القلب، مما يؤدي إلى تصلب الشرايين وتكوّن اللويحات الدهنية التي تضيق الأوعية الدموية.
علاوة على ذلك، قد تعيق الدهون فوق القلبية الإشارات الكهربائية الطبيعية للقلب، مما يزيد من خطر الإصابة باضطرابات نظم القلب، مثل الرجفان البطيني، والنوبات القلبية، وحتى الموت القلبي المفاجئ، لا سيما لدى الأشخاص الذين يعانون من عوامل خطر إضافية مثل ارتفاع ضغط الدم وداء السكري.
وأظهرت دراسة نُشرت عام 2019 في كتاب "Clinical Arrhythmology and Electrophysiology" أن وجود الدهون فوق القلب قد يُعقّد بعض الإجراءات العلاجية مثل رسم الخرائط الكهربائية وكيّ الرجفان البطيني. حيث تؤثر هذه الدهون على دقة التقاط الإشارات الكهربائية، مما يقلل من فعالية العلاجات مثل الكي بالترددات الراديوية.
يمكن الكشف عن تراكم الدهون حول القلب عبر فحوصات تصوير طبية دقيقة، تشمل:
بالإضافة إلى ذلك، يمكن اللجوء إلى:
رغم صعوبة إزالة الدهون المتراكمة داخل عضلة القلب نفسها، يمكن تقليل الدهون حول القلب عبر تحسين نمط الحياة، من خلال:
إذا كنت تعاني من أعراض مرتبطة بزيادة الدهون حول القلب، يجب مراجعة الطبيب فورًا. التدخل المبكر يلعب دورًا حيويًا في وقف تقدم الحالة، تحسين وظائف القلب، وتقليل خطر المضاعفات الخطيرة.