في حوار خاص لا يخلو من الصراحة والدفء، تفتح النجمة اللبنانية باسكال مشعلاني قلبها لـ"فوشيا"، وتروي كواليس عودتها القوية إلى الساحة المصرية من خلال أغنية "اتهرينا"، التي شكّلت بالنسبة لها محطة مختلفة في مسيرتها الفنية التي تجاوزت ثلاثة عقود.
ما بين التجديد بالذكاء الاصطناعي، والحنين إلى زمن الكاسيت، ومغامراتها في إعادة إحياء أغنيات التراث العربي، تتنقل باسكال بخفة وعمق، مؤكدة على أهمية التطور من دون الانفصال عن الجذور.
اشتياقي للغناء باللهجة المصرية كان حاضرًا منذ فترة، فقد تلقيت مطالبات متكررة من جمهوري في مصر بضرورة العودة إلى هذا اللون الغنائي، خاصة بعد أن ركّزت لفترة على تقديم أعمال باللهجة اللبنانية. عندما استمعت إلى "اتهرينا"، شعرت أنها تحمل شيئًا مختلفًا تمامًا، سواء في تركيبة الكلمات أو الفكرة التي تعالجها، وهذا ما أغراني بخوض هذه التجربة. الأغنية تنطوي على مفردات جديدة عليّ، وهي من الأعمال التي شعرت أنها قريبة إلى إحساسي وحقيقية في تناولها، وتم تنفيذها بتوزيع موسيقي لزوجي ملحم أبو شديد، والنتائج الإيجابية التي تلقيتها من الجمهور من مختلف الدول العربية كانت مفرحة للغاية.
نعم، أردت أن أُقدِم تركيبة مختلفة هذه المرة، سواء على مستوى الكلمة أو الإحساس العام. طوال مسيرتي قدمت أنماطًا متنوعة، لكن هذه الأغنية كسرت الإطار المعتاد بالنسبة لي. حتى مظهري الخارجي في الكليب كان جزءًا من هذا التغيير؛ اعتمدت تسريحة شعر جديدة تناسب أجواء السبعينيات التي استلهمنا منها الشكل البصري، وحرصت على الابتعاد عن الأساليب التجميلية المُفتعلة مثل الباروكة، لأبدو طبيعية وقريبة من الناس.
السبب الأساسي هو رغبتي المستمرة في التجديد. فمسيرتي تخطّت الثلاثة عقود، ولا أريد أن أشعر أنني أكرر نفسي أو أُعيد ما سبق. اللهجة المصرية وحدها تتيح مجالًا واسعًا للإبداع، لما تحمله من تعبيرات ومصطلحات عامية مليئة بالحيوية. مثلًا "باب العشم مغلق للتحسينات، آن الأوان نفلتر ونعيد الحسابات"، كلها عبارات مأخوذة من الواقع المصري المعاصر، ومنحت الأغنية نكهة خاصة.
بلا شك. كل إنسان مرّ بتجارب فيها خيبة من أشخاص وثق بهم. أنا شخصيًا واجهت تلك المشاعر مرتين فقط، لكنني تعلمت بسرعة أن أكتشف حقيقة الناس قبل أن أتأذى. الأغنية ليست اعترافًا شخصيًا بقدر ما هي انعكاس لمشاعر إنسانية شائعة.
تم التصوير في أحد فنادق بيروت، واخترنا أن نُقدّم العمل بروح سبعينية من حيث الأزياء، والمكياج، والديكور. المخرج بول عقيقي ساهم في إبراز هذه الروح ببساطة جميلة تخدم موضوع الأغنية من دون مبالغة في التفاصيل.
الألبوم يتضمن أربع أغانٍ خالدة، بينها “مرحبتين” للشحرورة صباح، وهدفنا هو تقريب هذه الروائع من آذان الجيل الجديد بصيغة توزيع موسيقي معاصر. أيضًا قمت بإحياء أعمال أخرى لكبار الفنانين مثل وديع الصافي، سميرة توفيق، وعلي الرياحي، وهي تجارب أثْرتني فنيًا وجعلتني أفتخر بما أنجزته وتعيدني للجذور.
تجربة الذكاء الاصطناعي كانت منعشة ومختلفة. أعجبتني الفكرة لأنها تواكب العصر، ومن خلالها استطعت أن أُقدّم رؤية بصرية تعبّر عن الأمل والطاقة الإيجابية للبنان، مثلما فعلت سابقًا في “ع بيروت”. أنا لا أؤمن باستخدام التكنولوجيا لمجرد الحداثة، بل لأُضيف بها شيئًا حقيقيًا للفن.
نجاحي لم يكن حكرًا على الأغاني المصرية، بل انطلقت أساسًا بأعمال لبنانية أحبها الجمهور في مصر، مثل “نشفتلي دمي” و“شو عملتلك أنا”، لكن لا أنكر أن اللهجة المصرية فتحت لي أبوابًا كثيرة أيضًا، وحرصت دائمًا على أن يتضمن كل ألبوم لي أغنية أو أكثر بالمصرية، مثلما فعلت في ألبوم “حبك مش حكي”.
ألبوم “سهر سهر” هو حجر أساس في مسيرتي. أذكر أنني قضيت ثلاثة أشهر في القاهرة مع الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي والموسيقار جمال سلامة لتحضير العمل، بينما كانت الحرب مشتعلة في بيروت. ما زلت أتذكر دعم الأبنودي لي وتشجيعه المستمر، وتم طرح الألبوم أولًا في مصر، ثم في تونس، ووصل إلى لبنان بعد سنتين.
في الماضي، كانت الشهرة تُبنى بالتعب والصبر، أما اليوم فكل شيء أسرع. جيلنا كان يعتمد على القنوات الفضائية وعدد محدود من المنصات، أما الآن فالمنصات الرقمية فتحت المجال، لكن الحفاظ على النجاح أصبح أكثر تعقيدًا رغم سهولة الوصول.
ألبوم “نور الشمس” كان مميزًا فعلًا، لكن ألبومات أخرى مثله أو ربما تتفوق عليه مثل “خيالة” و“بحبك أنا بحبك”. أحرص دائمًا أن تكون كل إصداراتي بمستوى عالٍ، ولا أقبل أن أقدّم عملاً أقل من سابقه.
ارتبطتُ بعدد من الحفلات في لبنان والولايات المتحدة، بالإضافة إلى مشاركات منتظرة في أعراس ومناسبات في مصر وتونس. أحرص دائمًا على التواجد مع جمهوري في كل مكان.