فنانة صنعت مسيرتها بخطى ثابتة، وتبحرت في شخصيات باتت "حديث الصباح والمساء". بكل دور تُشعرك بـ"دهشة"، وفي كل عمل تعطيك "طاقة نور"، لتتذوق معها "حلاوة الدُنيا"، أيا كانت الـ"وجوه". بـ"صوت وصورة" تعدى إبداعها الحدود، فمن "القاهرة" إلى "كابول" لاقت الإشادة، وشهدت الـ"جولة الأخيرة" نجومية استثنائية، بعد حصد فيلمها "هابي بيرز داي" جوائز كبرى من مهرجان Triebeca السينمائي، لتبقى دوما بأعمالها، "وعودها سخية" لجمهورها.
موقع "فوشيا" أجرى حوارا مع الفنانة المصرية حنان مطاوع، التي فتحت قلبها لجمهورها وتحدثت عن معايير اختياراتها الفنية، ولماذا حالفها الندم على بعض الأعمال؟، وما الأدوار الأقرب إليها؟، وعلاقتها بابنتها أماليا، وزوجها المخرج أمير اليماني.
شيء عظيم، وسعادتي لم تقتصر فقط على عرض الفيلم في مهرجان Triebeca السينمائي، باعتباره من المهرجانات المُهمة للغاية في نيويورك، خاصة وأن الجوائز من توقيع النجم العالمي روبيرت دي نيرو، لكن أيضا أنا فخورة كون الجوائز الكبرى التي نالها الفيلم وهي (أفضل فيلم، أفضل مُخرجة، أفضل سيناريو)، لم تحدث في السابق مع أي فيلم مصري أو عربي، كما أنني سعيدة بردود أفعال الصحافة العالمية، بالإضافة إلي دخول جيمي فوكس شريكا في الإنتاج؛ ما يعكس نظرته لأهمية الفيلم.
أولًا، استمتعت جدا بقراءة الـ Script الخاص بالعمل، فعندما كنت أتلقى الحلقات بشكلٍ مُتتابع من المؤلف أحمد عبد الفتاح كانت حماستي تزداد جدًا، ودور "حياة" مُختلف وبه تحديات عدة، حيث أجسد دور فتاة تفقد بصرها، وأتمنى أن يُحقق نجاحا كبيرا. أما فيما يتعلق بمسألة تأجيله، فالأمر يتعلق بجهة الإنتاج وأحمد السبكي، حيث هناك حسابات إنتاجية وآخرى تخص عملية التوزيع، لكن أتمنى عرضه بوقت مناسب، وعلى منصة تملك جماهيرية كبيرة.
لا ليس له علاقة بحادثة هيروشيما، بل هو فيلم اجتماعي، يحمل دلالات، وكلمة "هيروشيما" تُشكل كناية لحالة الفيلم أو مُجرد وصف لأحداثه. وسعيدة جدًا لأنني سأتعاون مع أحمد السقا، رغم أننا تعاونا سابقا في "جولة أخيرة" وظهرت كضيف شرف، لكن هذه المرة المساحة أكبر وهذا يُسعدني، إلى جانب تعاوني للمرة الأولى مع المخرج أحمد نادر جلال، والسيناريست أيمن بهجت قمر.
أعمال عدة شكلت مسيرتي، منها مسلسل "سارة"، "أولاد الشوارع"، إلى جانب فيلم "قص ولزق"، فضلًا عن أعمال كـ"دهشة"، "ونوس"، "حلاوة الدنيا"، "هذا المساء"، و"لمس أكتاف"، بالإضافة إلى مسرحية "السلطان الحائر" التي لُقبت بعدها بـ"سيدة المسرح العربي الجديدة"، وجاءت الراحلة الرائعة الفنانة سميحة أيوب إلى المسرح حينها لتراني، ومازحتني وقالت "مين بقى اللي بيتقال عليها سيدة المسرح العربي الجديدة"، ومن بعدها بفترة، أعلنت أنها تتمنى أن أقوم بتجسيد قصة حياتها، ودعمتني لسنوات عدة منذ عرض هذه المسرحية في عام 2009.
أيضا مسلسلي "وعود سخية" و"بت القبايل"، من الأعمال التي صنعت لي قاعدة جماهيرية واسعة، رغم عدم نجاحهما على السوشيال ميديا، لكن الناس دائمًا تُحدثني عنهما في الشارع، والبعض يتساءل ما إذا كان هناك موسم ثان من "بت القبايل".
ربما حدث ذلك بالفعل، فالعمل الفني هو جماعي بالأساس، وأولا وأخيرا أنا مسؤولة عن الدور، لكن ما يحدث هو أنني قد أتوقع نجاح عمل معين، بسبب سيناريو جيد، لكن نتيجة لخطأ مخرج، أو مونتير يجعل إيقاع العمل مملًا، يُدفع المشاهد للعزوفِ عن المتابعة. وأحيانا أتلقى فكرة عمل رائعة، ولأننا لا نستلم الحلقات دفعة واحدة، فأحيانا أوقع على المشاركة في العمل بعد استلامي لحلقتين رائعتين، وخلال التصوير، أفاجأ بسقوط مدوي في تطور الأحداث بإحدى الحلقات، وهذا يجعلني أندم.
مبدئياً الأسماء المذكورة، كان الفضل يعود بنسبة كبيرة لهن في ذلك، فهن شخصيات جميلة، وقدمن المحبة لي، والجزء الثاني، هو أنني مدركة أن الحياة قصيرة جدا، ونحن لا نملك أي شيء سوى ترك أثر طيب. والفن يحتاج أن يكون الجميع ناجحا.
تجذبني شخصية المصري القديم، وتحديدا الشخصيات العادية التي لم نقترب من طرحها وتقديمها بعد، فكثيرا قدمنا أدوارا عن الملوك، لكن لم نتطرق كثيرا للشخصيات العادية التي تملك تفاصيل وعمقًا قد يكون أكثر وأغنى من الشخصيات الشهيرة في التاريخ. خاصة وأن صناع الحضارات الحقيقية هم عوام الشعب.
الحقيقة يعجبني الكثير، لا أريد أن أنسى أحدا، لكن أحمد مالك، طه دسوقي، وأحمد غزي، من النجوم الشباب الذين تمكنوا من إثبات جدارتهم، أما من الفنانات، فأعشق سلمى أبو ضيف، وتعاونا معا في "حلاوة الدنيا"، وأعجبت بتطورها ونضجها الفني الكبير، بالإضافة إلى إعجابي الشديد بفاتن سعيد، ونور إيهاب.
هناك تشابه في القناعات، وأشبه أبي كشخص متأمل، غير عاشقة للأضواء بنسبة كبيرة، ومن والدتي حب الأسرة، أما فيما يخص الاختلافات فهناك عدة أشياء تخص الاختيارات على سبيل المثال، وهذا أمر طبيعي، ففي حال كبرت ابنتي وكانت نسخة مني دون اختلافات، فهذا يُعد قمة الفشل مني ومنها؛ لأن هناك بالطبع نقاطا لابد أن تكون متسقة بيننا، وأخرى مختلفة تعكس الشخصية، كالاختيارات، والاتجاهات.
اليوم، أهم رأيين بالنسبة لي بعد عرض أي عمل هو رأي والدتي وزوجي، أما في البدايات، كنت أشاركها في اختياراتي لأعمالي، وكنا أحيانًا نختلف، فمثلًا أثناء تقديم دور نهى، في مسلسل "سارة" مع حنان ترك، وكان الدور من نوعية الشر، فوالدتي كانت رافضة له، بحجة أن الجمهور لم يكن يعرفني بقوة حينها، وكانت وجهة نظرها هو أنني أبني علاقة حب مع الجمهور أولاً من خلال أدوار طيبة، ولم تشاهد العمل لـ10 حلقات تقريبا، حتى أثار ضجة كبيرة، وهنا شعرت والدتي أن العمل كان يجب خوضه، بعدما لفت أنظار النقاد والجمهور، ومن ثم بدأت تتفاعل مع الدور.
أشعر أنها حالات فردية، لا يجوز فيها التعميم، فالعلاقة بين الصحافي والفنان هي نسيج واحد، فالطرفان مرآة لبعضهما البعض، وأنا أدين بفضل كبير جدًا للصحافيين، كونهم جزءا من نجاحي ودعمي، سواء في البدايات أو اليوم. التوتر الحاصل ربما حالات فردية، قد يكون خطأ من فنان، أو صحافي غير مهني، أو فئة سمّت نفسها بـ"صحافيين" وهم ليسوا كذلك. الصحافي دوره عظيم، كون باستطاعته التأثير في العالم من خلال قلمه.
أحاول مشاركتها في كل تفاصيل حياتها، من الأكل، والملابس، والرياضة التي ترغب في ممارستها، وكذلك مشاركة أصدقائها وأسرهم أيضا، حتى تستقل هي بشكلٍ تدريجي.
أرى أنه ليس من حقي أن أسرق طفولتها، أو تعريضها لأمر قد تِحبه، وربما تلومني عليه في المستقبل، فليس من حقي أن أفرض عليها أن تكون شخصية عامة، لمجرد أنها ابنتي. فلا أعرف الأشياء التي ستحبها هي، وما ستحبه أن أؤيدها فيه. كما أن هناك تجاوزات في السوشيال ميديا، أنا ربما أحتملها على نفسي، لكن لن أحتملها على ابنتي.
سأنصحها، بأن تكون قادرة على قول "لا"، وأن كلمة "لا" قد تكون مُكلفة لكنْها تُعزز الشخص، وأن تكون نفسها، وأن تُدرك أن اللحظة التي ستسجلها، هي تاريخية، لأننا سنموت وسيبقى العمل قيد الحياة، حتى وإن أرادت أن تحذفها فهي لن تستطيع فعل ذلك. كما سأنصحها باحترام الجمهور الذي ستطل عليهم.
أمير يساندني بشكل مستمر، فهو يقف بجانبي أثناء فترات التصوير والضغط الذي يستمر على مدار عدة أشهر، ودائما داعم لي. بعد 3 أشهر من الزواج، انشغلت بـ"حلاوة الدنيا" و"هذا المساء" و"طاقة نور"، وكنت أشعر بالإحراج جدا، إلا أنه كان داعما لي بقوة. وبعد ولادتي لأماليا يساندي بشكل دائم، فنحن لا نتركها مع أي أحد، سوى أنا أو أمير أو والدتي، وفي حال ذهبت إلى مناسبة مثل عزاء، فأذهب بمفردي؛ لأنه يجب أن يجلس أحد منا مع أماليا.
أتذكر مسلسل "وجوه" كان لأمير دور مهم معي فيه، فهو مخرج ومُدرب تمثيل لذا ساعدني به، وبشكل عام دائمًا أهتم بسماع رأيه تجاه أعمالي.
أنا أحب التركيز على الإيجابيات، فمثلًا فيلم "هابي بيرز داي" دليل على أن الأمور جيدة، بالإضافة إلى عدد كبير من المسلسلات التي شاهدناها مؤخرًا مثل "لام شمسية"، "ولاد الشمس"، "قهوة المحطة"، "أشغال شقة جدًا". كل هذا التنوع عُرض في ظل أزمات اقتصادية تؤثر على العالم أجمع، ونحن ورغم ذلك تمكنا من تقديم أنماط وأشكال مختلفة من الدراما، لذا يجب التصفيق للفنان المصري.