تنطلق الفنانة مها جارالله في معرضها "الذاكرة الخام"، من ذاكرة البيوت القديمة، حيث تكشف في حوار مع "موقع فوشيا"، عن التجربة الغنية التي مرت بها بعناصرها وأبعادها.
وتشير مها في حوارها، إلى معرض "دوامة ترابية" للفنانة الإماراتية لطيفة سعيد، مقتفية أثر العلاقة ما بين تلك الأجهزة والتجارب العلمية في الغرفة المظلمة وبين الفن، قبل أن تحط الرحال في المتاهة السريالية التي أثارت مشاعر الغرابة لدى الزوار، في معرض الفنان سامو شلبي "عوالم خفية".
مها جارالله: أحفظ ذاكرة البيوت القديمة بأعمالي
لا تنسى مها، شكر أصدقاء فن أبوظبي، وكل المشرفين على برنامج "آفاق الفنانين الناشئين"، المبادرة السنوية، التي يُقدم خلالها البرنامج ثلاثة فنانين ناشئين في دولة الإمارات العربية المتحدة، مع طرح منصة يمكن من خلالها تطوير ممارساتهم وتنفيذ مشروعاتهم الفنية الطموحة، حيث يتعين على الفنانين الذين جرى اختيارهم إتمام برنامج مدته عام واحد تم إنشاؤه بواسطة القيم الفني.
يهدف البرنامج إلى تنفيذ معرض جماعي ينطلق في معرض "فن أبوظبي" في شهر نوفمبر من كل عام، وتبقى الأعمال معروضة للجمهور لعدة أشهر بعد انتهاء المعرض، وقد تم دعم هذا البرنامج من قبل أصدقاء فن أبوظبي منذ عام 2021.
توضح مها، أن معرض "آفاق الفنانين الناشئين" تضمن ثلاثة معارض، هي: معرض الفنان سامو شلبي، ومعرض الفنانة لطيفة سعيد، ومعرضها، وقالت: "في هذا المعرض أردت أن أقدم شيئاً لأهلي في أبوظبي، فأنا دائماً في أعمالي أدرس البيوت الشعبية الإماراتية في منطقة زايد للإسكان، لكن هذه المرة قررت دراسة بيوت منطقة الرويس التي بنتها "أدنوك" في الثمانينيات للعاملين في مصفاة أدنوك للبترول، وأحببت من خلال هذا العمل أن أسلط الضوء على الهندسة المعمارية لهذه البيوت القديمة قبل أن تختفي، وهي بيوت خاوية حالياً".
وأوضحت أنها تقدم هذا المعرض للجيل الجديد ليعرفوا أكثر عن تاريخهم، وعن تاريخ الهندسة المعمارية العربية.
وذكرت مها أنها استخدمت أكثر من أسلوب فني في هذا المعرض، بدءاً بالتصوير الذي وظفته في عملية التوثيق، ولجأت إلى الرسم بالألوان الزيتية لتضيف مشاعرها وتعليقها على الموضوع، إضافة إلى توظيف المجسمات التي خلقت من خلالها مقاربة للحدائق التي كانت تحتضنها هذه البيوت والمقاعد الحجرية التي تحيط بأحواض الزرع فيها، فأرادت استحضار هذه الحالة بصورة حية في المعرض.
"دوامة ترابية" محاكاة لنشأة الكون
وضمن برنامج "آفاق الفنانين الناشئين" قدمت الفنانة البصرية الإماراتية لطيفة سعيد، التركيب الفني "دوامة ترابية"، وهو عبارة عن تجربة تكنولوجية لم يسبق لها مثيل تعتمد على السرد الأساسي لنشأة الكون وشعرية العلوم. وبالإشارة إلى أسرار الطبيعة، المتجذرة في لغة ثقافية تطورت من المناظر الطبيعية الصحراوية المتميزة في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتم تنظيمها في ثلاثة أجهزة مختلفة: آلة الدخان، والهولوغرام، والكهرومغناطيسي. لتترجم كل واحدة منها ظاهرة جوية يمكن تجربتها في الصحراء، من خلال الدوامات والأعاصير المختلفة، عندما يجتمع الهواء والماء والنار والأرض معًا.
"متاهة سريالية" في عوالم شلبي الخفية
أما الفنان المصري من أصل فلسطيني سامو شلبي، فقدم عرضاً درامياً ساحراً في معرضه "عوالم خفية" الذي وظف فيه أسلوبه السريالي بطريقة ذكية، سواء باختيار طريقة العرض التي تخلق شعوراً درامياً يستثير الأسئلة والفضول تجاه هذا التقسيم المستوحى من العروض المسرحية وعروض ألعاب الخفة من جهة، ومن أسلوبه الفني الخاص والمستوحى من مدارس عدة، فوزع إطاراته غير التقليدية (نظارات قديمة، ملعقة شاي، مرآة صغيرة وغيرها) والتي جمعها من بلدان عدة ليحيط بها لوحاته الصغيرة على جانبي المدخل المحدود بالستائر الحمراء، والتي تفضي إلى المعرض الداخلي بمساحته الضيقة، حيث تستقبلك لوحة مزدحمة بشخصياتها السريالية، وكثافة الحالات المتناقضة التي تمثلها في عالمنا المعاصر، مستحضراً إلى الذاكرة لوحة "حديقة الملذات" للفنان الهولندي هيرونيموس بوش، التي تعتبر من الأعمال الفنية المثيرة للجدل.
أما الأعمال الأخرى التي تزاحم الزوار على تفحصها في تلك المتاهة المسرحية، فلا تقل قيمة عن سابقتها، من حيث تلك الرسائل القوية والمختبئة، ما يجعلك تستكشف أنه أراد القول بهذه المساحة الضيقة، إن لوحاته تشاهد عن قرب وتحتاج إلى الكثير من الفحص، رافضاً اصطحابها في صور رقمية على الهواتف ما يفقدها حضورها المزدحم.