شهدت رحلة جوية متجهة من باريس إلى مطار أجاكسيو في جزيرة كورسيكا الفرنسية حادثة غير مسبوقة، عندما اضطرت طائرة تابعة لشركة Air Corsica إلى الدوران في الجو لمدة ساعة كاملة، بعد أن فشلت في التواصل مع برج المراقبة، ليتبين لاحقًا أن المراقب الجوي الوحيد في البرج كان نائمًا أثناء المناوبة.
غفوة تكشف فراغًا رقابيًا
انطلقت الرحلة في 15 سبتمبر/أيلول من مطار أورلي في باريس متأخرة نحو نصف ساعة، وكان من المقرر أن تهبط في مطار أجاكسيو – نابليون بونابرت عند الساعة 22:45.
غير أن الطاقم فوجئ بأن مدرج الهبوط كان مظلمًا، ولم يتمكن من الحصول على أي رد من برج المراقبة، رغم الاتصالات المتكررة.
وفق بيانات موقع FlightRadar24، اضطرت الطائرة للتحليق في دوائر فوق خليج أجاكسيو لما يقارب الساعة، في محاولة لانتظار الاستجابة.
واستُدعيت فرق الإطفاء، التي حاولت بدورها التواصل مع البرج، من دون جدوى، ما دفعها إلى إبلاغ قوات الدرك المحلي.
الهبوط بعد الاستيقاظ
في الساعة 00:35 تقريبًا، عادت أضواء المدرج للعمل، وتم استئناف الاتصالات اللاسلكية، ليتضح أن المراقب الجوي المسؤول كان قد غفا أثناء نوبة عمله الليلية؛ ورغم الموقف الحرج تمكّنت الطائرة من الهبوط بسلام من دون أي أضرار أو حالات ذعر بين الركاب.
فحوص ومساءلة
أجريت للمراقب اختبارات فورية للكشف عن الكحول أو المخدرات، وجاءت جميع النتائج سلبية؛ في حين فتحت المديرية العامة للطيران المدني الفرنسية (DGAC) تحقيقًا رسميًا في الحادثة لتحديد المسؤوليات، واحتمالية وجود خلل تنظيمي في توزيع المناوبات داخل البرج.
خبراء: الاعتماد على مراقب واحد مخاطرة مهنية
يقول جان كلود ميرسييه، خبير الملاحة الجوية والرئيس السابق لهيئة مراقبة المجال الجوي الفرنسي، إن "هذه الحادثة تؤكد أن الاعتماد على مراقب واحد خلال نوبات الليل، خصوصًا في المطارات الإقليمية، أمر يفتقر لأدنى معايير السلامة".
وأضاف، في حديث لمجلة Aviation Today: حتى لو كان النشاط منخفضًا ليلاً، فإن إمكانية حدوث طارئ تتطلب وجود نظام دعم أو مراقب بديل، أو على الأقل أجهزة إنذار لمنع هذه السيناريوهات.
غير متوترين... لكن الحظ حالفهم
بحسب روايات الركاب، لم يسجل أي ذعر داخل الطائرة، بل أظهر كثير من المسافرين هدوءًا لافتًا، بينما أعرب قائد الطائرة عن اندهاشه من الموقف، قائلًا إنه لم يواجه شيئًا مماثلًا طوال 30 عامًا من التحليق.
هل تكفي التقنية وحدها؟
تشير هذه الحادثة إلى نقطة ضعف متكررة في بعض المطارات الإقليمية الأوروبية، إذ تُختصر فرق العمل خلال ساعات الليل، ويُعتمد على موظف واحد فقط لتسيير الرحلات.
وفي غياب أنظمة مراقبة تلقائية أو أجهزة تنبيه داخل الأبراج، تزداد فرص تكرار هذا النوع من الأخطاء البشرية.
شركات الطيران: تدابير وقائية قد تكون ضرورية
على خلفية الحادث، بدأت شركات مثل Air Corsica وTransavia مراجعة بروتوكولات السلامة المرتبطة بالرحلات الليلية إلى مطارات إقليمية صغيرة.
ويتوقع مراقبون أن تشهد الفترة المقبلة إعادة تقييم للبروتوكولات المعتمدة في مراقبة الحركة الجوية خلال ساعات العمل المنخفضة.
