في عالم مثالي، يكون الزواج قرارا ناضجا ينبع من توافق عاطفي، واستعداد نفسي، ورغبة مشتركة في بناء حياة مستقرة.
لكن الواقع أكثر تعقيدا. ففي كثير من الأحيان، لا يتم الزواج بدافع الحب الحقيقي أو النضج العاطفي، بل نتيجة دوافع خفية أو غير صحية قد تخلق مشكلات طويلة الأمد.
فيما يلي خمسة من أكثر الأسباب خطورة للزواج، والتي يجب التوقف عندها مليّا قبل اتخاذ هذا القرار المصيري:
قد يكون الدافع خفيا: إثبات الاستقلال أمام الأهل، إثبات القدرة على بدء حياة جديدة بعد تجربة فاشلة، أو حتى إثبات أنك "طبيعية" وتسيرين في "الطريق الصحيح".
لكن الزواج ليس وسيلة للبرهنة على شيء لأي شخص ولا حتى لنفسك. العلاقات الصحية لا تحتاج إلى تبرير، بل إلى حضور واعٍ ومشاعر صادقة في الحاضر.
الحاجة إلى من يرعانا أو من نرعاه قد تكون مغرية، خاصة إذا نشأنا في بيئة تفتقر إلى الأمان. لكن الزواج ليس مركز علاج عاطفي، ولا ملاذًا للهروب من المسؤولية الشخصية.
العلاقة المتوازنة تتطلب شريكين قادرين على الاعتناء بأنفسهما أولًا، ثم مشاركة هذا الاتزان مع الطرف الآخر.
عندما يمنحك وجود شخص في حياتك شعورا بالاكتمال للمرة الأولى، فتوقفي فورا واطرحي السؤال الأصعب: لماذا لا أشعر أنني كافية دون هذا الشخص؟
الشعور بالقيمة يجب أن يكون متجذرا في الداخل، وليس مشروطا بعلاقة. لأن أي علاقة تبنى على هذا النقص ستنهار لاحقًا تحت وطأة التوقّعات غير الواقعية.
الخوف من الوحدة، أو من "التأخر" مقارنة بالآخرين، قد يدفع البعض إلى قبول علاقة غير مناسبة.
لكن تذكّري أن الزواج غير المناسب قد يأخذ منك سنوات من التوتر، وربما يُفسد عليكِ فرصا حقيقية لاحقا. انتظري من يستحق قلبك، بدلا من الاستعجال لإرضاء توقعات المجتمع أو عقارب الساعة.
رغبتك في خلق "البيت الذي لم تعرفيه" قد تكون نابعة من ألم حقيقي، لكن تحويل الزواج إلى أداة تعويض عن طفولة موجعة ليس حلا ناجعا.
التجارب المؤلمة تحتاج إلى علاج ومواجهة، لا إلى علاقة تُبنى على الأحلام المؤجلة. إذا لم تُشفَ الجراح القديمة، فستعود لتظهر بشكل أو بآخر داخل العلاقة الجديدة.
الزواج ليس نهاية الطريق، بل بدايته. وإذا كان قائما على دوافع غير صحية، فقد يكون الثمن باهظا نفسيا وعاطفيا. خذي وقتكِ، تعرفي على ذاتك، واجهي مخاوفك، وابدئي ببناء علاقة مع نفسك قبل أن تفكّري في بناء بيت مع آخر.
لأن الزواج السعيد لا يُبنى على الحاجة، بل على النضج، والصدق، والاستعداد الحقيقي للمشاركة.