header-banner
تطوير الذات

لماذا يجب عليك أن تكسري الروتين؟

تطوير الذات
إيمان بونقطة
23 يونيو 2025,9:00 ص

في زمن تسوده السرعة ويزداد فيه التعلّق بالروتين اليومي، ينسى كثيرون متعة الخروج عن المألوف وتجربة أمر جديد، حتى لو كان بسيطًا.

هذه الفكرة تستحق التوقّف، وقد تناولتها الباحثة والكاتبة المتخصصة في علم النفس الإكلينيكي كارين هول، مشيرةً إلى أن دماغ الإنسان لا يرتاح فقط عندما يلتزم بالروتين، بل قد "يغفو" جزئيًا، ما يقلل من قدراته ويحدّ من مرونته النفسية.

فهل نحتاج حقًا إلى أن نفعل شيئًا مختلفًا من حين إلى آخر؟ ولماذا يؤثر الجديد فينا إلى هذا الحد؟

تغيير الروتين وتأثيره النفسي

76764db6-5156-4b34-91be-9e1051d9f010

تدفعنا الكاتبة إلى التفكير في أثر التجديد على أذهاننا، لا باعتباره ترفًا أو محاولة للهروب من الملل، بل كضرورة صحية ونفسية تُعيد للذهن مرونته، وتُنعشه كما لو أننا أعدناه إلى وضع الاستكشاف الأول، ذلك الذي نراه في دهشة الأطفال حين يرون وجوههم لأول مرة، أو يكتشفون أيديهم.

الروتين مريح... لكنه قد يُطفئ شرارة العقل

الاعتياد على التكرار له وجه إيجابي، إذ يوفر الإحساس بالاستقرار ويخفف من العبء الذهني. فحين لا نحتاج إلى التفكير في خطواتنا التالية، نشعر بالراحة، ونوفّر طاقتنا لما هو أكثر أهمية. لكن حين يطول الالتزام بالروتين ويتحوّل إلى نمط جامد، تبدأ العقول بالخمول.

تشير هول إلى أن العيش في روتين صارم لا يتغيّر فيه نوع الفطور، ولا توقيت التمارين، ولا حتى الأماكن التي نرتادها، قد يكون ناتجًا عن ظروف فرضت الانغلاق، كفترة الجائحة مثلًا، لكنه يُصبح مع الوقت عقبة أمام نموّنا النفسي، إذ يحدّ من انفتاحنا ويضعف من قدرتنا على التكيّف.

الجديد يُنشّط الدماغ ويُحسّن المزاج

ما الذي يحدث حين نخوض تجربة جديدة؟ ببساطة، يُفرز الدماغ هرمون الدوبامين، المرتبط بالسعادة والتحفيز. وهذا وحده سببٌ كافٍ يجعل للتجديد أثرًا مباشرًا على المزاج.

لكن ما هو أكثر عمقًا من ذلك، هو ما يُعرف بـ"المرونة الذهنية" أو Flexible Thinking، وهي مهارة نفسية ضرورية تساعدنا على التفكير خارج الأطر المألوفة، واتخاذ قرارات أكثر توازنًا، وفهم وجهات نظر الآخرين حتى لو اختلفت عنّا جذريًا.

أخبار ذات صلة

لوم الذات يمنعك من تحقيق السعادة

خطوات صغيرة... نتائج كبيرة

لا يُشترط أن تكون التجربة الجديدة مغامرة خارقة. يكفي أحيانًا أن نتذوّق طعامًا لم نجربه من قبل، أو نزور حيًّا جديدًا في مدينتنا، أو نتحدث مع شخص من خلفية ثقافية مختلفة. هذه التفاصيل الصغيرة تحفّز الدماغ، وتكسر جمود التكرار، وتُعيد إلينا شعور الحماسة والاكتشاف.

وتلفت الكاتبة إلى أن التغيير لا يعني فقط التجربة، بل يشمل أيضًا تحديث معلوماتنا، ومواكبة ما يهمّ الأجيال الجديدة. من لا يعرف أسماء الفنانين الشباب، أو لا يفهم كيف يعمل التسويق الرقمي اليوم، سيجد نفسه يومًا ما خارج السياق، حتى من دون أن يشعر.

التجديد لا يعني الهروب.. بل التجدّد

تجربة الأشياء الجديدة لا تعني بالضرورة أننا غير راضين عن واقعنا، بل قد تكون انعكاسًا صحيًا لرغبتنا في التطور والتواصل مع أنفسنا والعالم من حولنا. فحين نفتح الباب لأفكار وتجارب جديدة، نُعيد تشكيل رؤيتنا للأمور، ونُنعش مشاعرنا، ونُذكّر أنفسنا بأننا لا نزال في حالة تعلّم مستمرة، مهما بلغنا من العمر أو الخبرة.

 

تحثنا الكاتبة كارين هول على أن نتحدى أنفسنا بالخروج من المسارات المألوفة، لا بهدف التسلية فقط، بل كخيار صحي وضروري للحفاظ على مرونة عقولنا وجودة حياتنا النفسية. فمن خلال التجديد، نصبح أكثر تفهّمًا، وأقوى على مواجهة التغييرات، وأقدر على الاستمتاع بلحظات الحياة كما يستمتع بها الأطفال... بدهشة وفرح.

أخبار ذات صلة

الأطفال أعظم معلمي الحياة والطريق الأقصر لتطوير الذات

 

footer-banner
foochia-logo