تجربة عميقة تستحق القيام بها والتعرّف عليها واختبارها؟ فهي لا تحمل المتعة والترفيه فقط، إنّما تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، خصوصاً بالنسبة إليك أيتها المرأة.
بدأنا نشهد ظاهرة السفر الفردي للنساء (solo female traveler)، ليس في بلاد الغرب، فحسب إنّما أيضاً في بلاد العرب، وأصبحت اتجاهاً متزايداً.
لماذا من المهم أن تسافري وحدك كامرأة؟
في تجربة شخصية، روتها فرح نصور في مقال نُشر على "النهار": سافرتُ إلى دول عديدة بمفردي، وقد يكون عامل العزوبية من أكثر العوامل ملائمة لهذا النوع من الأسفار. لكن الأمر أساسا تولّد من شغف بالسفر، لم يمنعه غياب مرافقة أصدقاء أو عائلة أو شريك.
وكل مرة أسافر فيها، أتوق إلى الوجهة القادمة. التجربة أبعد من الترفيه بالنسبة لي؛ ففيه تتجلى الثقة بالذات، الاستقلالية، الحرية، النضج، الثقافة، الوعي، الاكتشافات، فهم الذات، وغيرها من الأمور التي من الجميل أن تتحلى بها أي امرأة.
مزايا السفر للمرأة
في حديثه لـ"النهار"، يشرح الدكتور ماريو عبود، المعالج النفسي والمستشار لدى "الهيئة الطبية الدولية" ومنظمة "أطباء بلا حدود"، أنّ "السفر عامة، يعزز خبرات جديدة لدى الإنسان، لكن على مستوى سفر المرأة الفردي تحديداً، فهو يفيدها معنوياً ونفسياً؛ إذ إنها ليست مضطرة لأن تكون دائماً برفقة شريك أو عائلة لتسافر".
ويبدأ عبود بتفنيد مزايا السفر الفردي للمرأة، بأنّه يعزز لديها الثقة بنفسها؛ فهي ستتحمل مسؤولية تدبّر أمرها طيلة فترة السفر، كذلك ستعيش الحرية من دون تلقّي أي انتقادات، أو تنبيهات، أو تحذيرات، أو أوامر، أو إرشادات من أي أحد. أيضاً، هي فرصة لتكتشف ذاتها، وحل التحديات بعيداً عن البيئة التي اعتادت عليها، وهذا المنفس ضروري لها.
السفر وعلاقته بالنمو الشخصي
يضيف عبود أنّ هذا النوع من السفر، يتيح للمرأة الاستكشاف باستقلالية وبناء ثقتها بنفسها، ونموّها الشخصي. إلى ذلك، فإنّ التغلّب على التحديات وخوض تجارب جديدة بشكلٍ مستقلّ يُعزّز تقديرها لذاتها.
وغالباً ما يكون التفاعل مع السكان المحليين والانغماس في ثقافاتٍ جديدة أسهل عند السفر الفردي. وتعيد المرأة اختبار المغامرات الجميلة في السفر، وذلك يحفّز روح التحدي لديها؛ وهو أمر بحد ذاته يشعرها بالرضا، عبر الانغماس بثقافات ولغات وأماكن جديدة.
بشكل عام، عندما يجد الشخص نفسه في ظرف ما عليه أن يتدبّر أمره فيه وحده، فذلك يقوّيه، لكن يعود الأمر طبعا إلى البنية النفسية لكلّ منّا. من ثم، السفر يقوّي المرأة؛ لأنّه يجعلها تعتمد على نفسها، فحتى مرورها بموقف أو حادث سلبي خلال سفرها سيعلّمها. وتجربة السفر هذه، ستعزز شعور الإنجاز لديها، لا سيما في المجتمعات التي تطلق الأحكام المسبَقة على المرأة وتقيّدها.
لا طالما عُدّ السفر ضمن مواصفات المرأة للتعبير عن ميزاتها، فمثلاً نسمعهم يقولون :"إنها امرأة "قد حالها" تسافر وتدور العالم"، إلى جانب مزايا أخرى، في إشارة إلى تحمّلها المسؤولية وقدرتها على اتخاذ القرارات وقوة شخصيتها.
شروط سفر المرأة الفردي
عن العمر المناسب الذي يمكن أن تسافر فيه المرأة وحدها، كشخص ناضج، يجيب عبود، أنّ الأمر يعود إلى طريقة تربيتها ونشأتها، لا سيما حظيانها على ثقة والديها في بلدها الأم بالدرجة الأولى ومنذ صغرها، وتحلّيها بالوعي الكافي والظاهر. والأهل عادة يعرفون طاقة كل ولد لديهم وقدراته.
بعض المجتمعات لا تشجّع سفر المرأة الفردي، فبنظرهم، هي ستكون أكثر عرضة للخطر والاستغلال. لكن من المهم عدم خلق هذا الخوف لدى الأجيال الجديدة، بحسب عبود، والأهم من ذلك، أن تخطط المرأة للسفر إلى وجهات آمنة ومريحه لها لتحافظ على سلامتها، وهي احتياطات على أي شخص بطبيعة الحال أن يتخذها. فمع التخطيط والوعي المناسبين، يُمكن أن يكون السفر الفردي للمرأة تجربة رائعة للغاية.
