header-banner
أطفال

كيف تربي طفلاً يتمتع بالذكاء العاطفي؟

أمومة
إيمان بونقطة
15 يونيو 2025,8:00 ص

في زمن تتسارع فيه الإيقاعات، وتكثر فيه الانشغالات، يبقى سؤال التربية الحقيقية حاضرًا بقوة: ما الذي يصنع طفلًا واثقًا، متوازنًا، وقادرًا على التعبير عن مشاعره؟

لا تكمن الإجابة في عدد الأنشطة التي نلحقه بها، ولا في الألعاب التي نشتريها له، بل في شيء أكثر بساطة وعمقًا: جودة الوقت الذي نقضيه معه، ومدى اتصالنا العاطفي به.

ما الذي يميّز الطفل الذكي عاطفيًا

69dadfc1-42cc-4aa8-9640-15d34ce69c45

الذكاء العاطفي لا يُولد مع الطفل، بل يُصقل مع الوقت، ويتشكل بفعل البيئة. الطفل الذكي عاطفيًا هو من يعرف مشاعره، يميزها، ويجد الطرق المناسبة للتعبير عنها وتنظيمها.

هو طفل يستطيع أن يتعامل مع الخيبة، أن يعبر عن الغضب من دون أن يؤذي، وأن يطلب احتياجاته من دون أن يصرخ.

لكن لكي يصل إلى هذه المرحلة، لا بد أن يحيا في بيئة تُشبه الحاضنة، مليئة بالتفهّم والاحترام. الأطفال الذين يحظون بعلاقة حقيقية مع والديهم هم الأكثر قدرة على التأقلم، فهم يتعلّمون من خلال التفاعل الحي، لا من خلال الأوامر والتعليمات الجافة.

حين يصبح الوقت النوعي علاجًا

يحمل الأهل كثيرًا من النوايا الحسنة، لكن ضغوط الحياة قد تدفع البعض إلى الوقوع في فخ الانفصال العاطفي عن أبنائهم. البعض يترك مهمة التربية للهواتف الذكية أو للمربيات. وهناك من يكتفي بتوجيه اللوم أو إعطاء التعليمات من دون أن يقترب حقًا من مشاعر الطفل.

أحد أشكال العلاج النفسي التي تُوصي بها المعالِجات النفسيات للأطفال، هو ببساطة أن يقضي الأهل وقتًا منتظمًا ومخصصًا مع أطفالهم. وهو وقت لا يُختزل في المراقبة أو التوجيه، بل يقوم على اللعب، المحادثة، والاهتمام الصادق بما يمر به الطفل من مشاعر وتجارب.

أخبار ذات صلة

سحر الأمومة الصامت.. رسالة حب لكل أم

الشخصية تُبنى بعد الولادة

يُعلّق في عيادة المعالجة النفسية للأطفال لافتة تقول: "الطفل يتعلّم مما يعيشه". إن عاش القبول، تعلّم أن يحب ذاته. وإن عاش الأمان، تعلم أن يثق. البيئة لا تنقل العادات فقط، بل تصوغ الطباع وتفكك أو تُعزز الجينات الكامنة.

هذا ما أكده الطبيب الحائز على نوبل إريك كاندل بقوله إن "تعبير الجينات يتأثر بالتعلم والخبرة". وهذا يعني أن علاقتنا اليومية مع أطفالنا قادرة على تعديل أثر الوراثة نفسه، وأن التربية ليست مجرّد توجيه، بل عملية بيولوجية-عاطفية تُشكّل هوية الطفل من الداخل.

الانضباط لا يأتي بالأوامر

يشكو كثير من الأهل من "قلة انضباط" أطفالهم، بينما يغفلون عن أهم شرط لجعل التعليمات ذات أثر: العلاقة. الطفل لا ينصت لأوامر من شخص يشعر أنه لا يفهمه أو لا يهتم به. الانضباط الفعّال لا يبدأ بـ"يجب" و"يمنع"، بل يبدأ من بناء جسر من التواصل والاحترام المتبادل.

الأمثلة على ذلك كثيرة، أحد الآباء يروي كيف تغيّر موقف ابنه العنيد حين بادر إلى اللعب معه لبعض الوقت، قبل أن يعاود طلب إنجاز المهام المنزلية. العلاقة الجيدة تحفّز الطفل على التعاون، لا الخوف.

 

كل لحظة يقضيها الأهل مع أبنائهم وهم منصتون، مشاركون، ومهتمون فعلًا، هي بمثابة استثمار طويل الأمد في مستقبلهم العاطفي والسلوكي. لا يتطلب الذكاء العاطفي دروسًا معقدة، بل تواصلاً حيًا، صادقًا، ومستمرًا.

طفل يشعر بأنه مفهوم ومحبوب، هو طفل قادر على فهم الآخرين، ضبط نفسه، ومواجهة الحياة بثقة.

أخبار ذات صلة

الأمومة المعكوسة.. عندما نتعلم معنى الحياة من الأطفال

 

footer-banner
foochia-logo