الأمومة ليست وصفة جاهزة أو خطة مثالية، بل رحلة متقلبة تحمل بين طياتها مشاعر الذنب والنعمة والنمو، وتمضي بنا في دروب من التحدي والحنان والدهشة.
إنها الحب الذي يتجلى في التفاصيل الصغيرة، ويتحول إلى قوة داخلية لا تُرى، لكنها تُشعر بعمق.
الأمومة هي الشجاعة الهادئة التي تدفعك للنهوض كل صباح، رغم التعب، رغم الشكوك، رغم أنك لا تملكين كل الأجوبة. هي الدموع التي تمسحينها عن وجنتي طفلك، وأحيانًا عن وجنتيكِ. هي محاولتك الدائمة لأن تكوني هناك: حاضرة، داعمة، مُحبّة.
ولأنها لا تأتي مع كتيب إرشادات، فإن الأمومة تعلّمك أكثر مما تعلمين. توسّع قلبك، وتهذّبك، وتُغيّرك بأكثر الطرق عفوية وصدقًا.
رحلة كل أم مختلفة، فبعض النساء انتظرن سنوات ليسمعن كلمة "ماما"، وأخريات خضن معارك مع العقم، أو قدمن الحب في تبنٍّ أو كفالة أو أمومة بديلة. وهناك أمهات اخترن أن يملأن فراغًا تركه آخرون، ليكنّ الأمان والحب والاحتواء.
أمهات عاملات، وأمهات وحيدات، وأمهات يربين أطفالًا وسط صراعات داخلية أو مجتمعية. ومع ذلك، كلهن يجتهدن، يخطئن، يصبن، لكنهن يُحببن بصدق.
لا توجد طريقة مثالية لتكوني أمًا. توجد طريقتك أنت. وقلبك أنت. وتفانيك أنت.
لا تُقاس الأمومة باللقطات الجميلة أو الإنجازات المدرسية، بل تُقاس باللمسات الصغيرة التي لا يراها أحد.
هذه هي الأمومة: فعل يومي غير مرئي، مبني على قيمك، يظهر في حضورك المتكرر، وفي حبك الذي لا يشترط شيئًا.
من أصعب أوجه الأمومة ذلك الصوت الداخلي الذي يسأل دومًا: هل أفعل ما يكفي؟ هل أخطأت؟ هل كنت قاسية؟ أو متساهلة؟
والحقيقة؟ أنك تفعلين أفضل ما يمكنك، بما تملكين. وهذا وحده... كافٍ.
ومع مرور الوقت، تُجبرك الأمومة على النمو. تعلّمك كيف تداوين جراح الطفولة، وتعيدين بناء الحدود، وتُربّين نفسك بقدر ما تربّين أبناءك.
إنه عمل نفسي شاق. لكنه مذهل في أثره.
كما تقول شيفالي تساباري: "أطفالنا هم من يوقظوننا... يختبروننا، يلهموننا، ويُغيروننا."
لن يتذكر أطفالك كل وجبة طبختها، ولا كم مرة نظّفت المنزل. لكنهم سيتذكرون أنكِ كنت الحضن حين خافوا. أنكِ صفّقتِ بحماس في المباراة. أنكِ اعتذرتِ حين أخطأتِ. أن وجهك أضاء كلما دخلوا الغرفة.
هذا هو إرثك: الحب. الحضور. الحقيقة. وليس الأداء أو الكمال.
في الختام: كوني فخورة بكل ما أنتِ عليه
فالأمومة ليست نهاية، بل بداية مستمرة، تتغير مع كل مرحلة. ستكسر قلبك أحيانًا، وستملأه مرات. اسمحي لنفسك أن تشعري بكل شيء: أن تطلبي الدعم، أن تفرحي، أن تبكي، أن تفخري.
فأنتِ في آنٍ معًا: عملٌ فنيّ متكامل، ومشروع مستمر في التشكّل. فتذكّري الطريق الذي سلكتهِ. واحتفي بما أصبحتِ عليه.