شهدت مرحلة ما بعد كورونا انتشار بعض المعلومات المضللة وأدى الخوف على الصحة إلى التزام الناس منازلهم؛ ما أدى إلى تعطيل الحياة اليومية في جميع أنحاء العالم؛ ولهذا لم يكن من المستغرب أن تصير فكرة المرض مصدر قلق بالنسبة لكثيرين.
وبينما كان الخوف من الإصابة بفيروس كورونا هو أول تجربة بالنسبة لكثيرين مع القلق من الإصابة بأمراض، فإن هناك نسبة قليلة من الأشخاص تعاني من اضطراب يجعلهم يشعرون بحالة دائمة من الانزعاج خشية احتمالية الإصابة بالمرض طوال الوقت.
يتميز اضطراب القلق من المرض بخوف مهووس وغير عملي من أن الشخص إما أنه يعاني بالفعل أو أنه معرض لزيادة خطر الإصابة بمرض خطير (بحسب كليفلاند كلينك).
وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب، الذي يعرف أيضا بـ"توهم المرض"، فإن خلو فواتيرهم الصحية من أي أدوية وكذلك عدم معاناتهم من أية أعراض ليست أمورا كافية لتغيير قناعاتهم بأنهم يعانون من ثمة مشكلة. وقد يبدأ هذا الهوس في التأثير على حياتهم المهنية وعلاقاتهم الشخصية، وكذلك صحتهم الجسدية والعقلية.
وعادة ما يظهر "توهم المرض" من خلال ثلاث طرق: إما عبر الخوف من الإصابة بالمرض، أو اليقين بوجود المرض بالفعل، أو الانشغال بأعراض حقيقية أو متخيلة في الجسم.
وقال باحثون من مركز اضطرابات القلق إن هاجس توهم المرض عادة ما يلقي بظلاله في أول سن البلوغ، بمساعدة عامل مساعد غالبا، كالمرض الشديد أو وفاة أحد أفراد الأسرة.
قال باحثون إنهم اكتشفوا معاناة حالتين من بين كل ثلاث حالات مصابة بتوهم المرض من اضطراب نفسي آخر (مثل اضطراب الهلع أو اضطراب الوسواس القهري). وبالرغم من ذلك، فهو مثله مثل اضطرابات القلق الأخرى، إذ تبين أن توهم المرض قد يتسبب في حدوث أعراض جسدية مثل اضطراب المعدة، أو الشعور بتعب، أو زيادة معدل ضربات القلب وضيق التنفس، وكل هذه الأعراض لا تؤدي إلا لتفاقم الخوف من المرض.
وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من هاجس "توهم المرض"، فعادة ما يتم فحصهم جسديا بحثا عن علامات المرض بشكل روتيني، وقد تُفسَّر الكثير من وظائف الجسم الطبيعية بشكل خاطئ على أنها أعراض لثمة شيء خطير، بحسب أطباء من مايو كلينك.
والحقيقة أنه غالبا ما يكون هناك انشغال بمرض معين. وبينما قد يسعى بعض مصابي هذا الهاجس لتلقي رعاية طبية متكررة وطلب الفحص باستمرار، فإن البعض الآخر قد يذهب في الاتجاه المعاكس ويتجنب الأطباء خوفا من تجاهلهم أو تشخيصهم بشكل أسوأ.
ونوه الباحثون كذلك إلى أن كثيرين من مصابي "توهم المرض" يبقون ساعات على الإنترنت بحثا عن إجابات لأسئلتهم الصحية وإجراء محادثات شاملة حول حالتهم الصحية.
وقال الباحثون في الأخير إنه يمكن تشخيص اضطراب قلق المرض بعد أن يتم تقييم الحالة من قبل الطبيب أو الطبيب النفسي أو أخصائي علم النفس، وما أن يتم الوصول لتلك النقطة، حتى يبدأ العلاج بمضادات اكتئاب أو علاج سلوكي معرفي (حسب كليفلاند كلينك).
ويوصي مركز اضطرابات القلق ببعض خيارات المساعدة الذاتية لتقليل الآثار السلبية لـ "توهم المرض"، بما في ذلك الامتناع عن استشارات الإنترنت، وتعلم كيفية التمييز بين الأحاسيس الطبيعية والأخرى المثيرة للقلق، وإيجاد بعض تقنيات الاسترخاء التي تناسبك.