في الآونة الأخيرة، ارتفع عدد الأشخاص الذين يعملون عن بعد، وأصبح التعامل مع المنازل وتوفير بيئة ملائمة يتطلب الكثير من الدقة والمعايير المناسبة لطبيعة العمل.
وما كان يُعدّ مساحة خاصة للراحة فقط أصبح يستخدم أحيانا كمكتب، أو قاعة اجتماعات، أو حتى استوديو إبداعي. وفي ظل محدودية المساحة، يلجأ الكثيرون إلى وضع مكتب داخل غرفة النوم كحل عملي وسهل التنفيذ.
فهل هذا الخيار مريح على المدى الطويل، وما أثره على النوم والصحة النفسية والإنتاجية.
الإجابة ليست بسيطة، فهي ترتبط بعوامل متعددة تتعلق بالمساحة، والحدود بين العمل والحياة، والعادات اليومية للشخص أو الموظف، بالإضافة إلى طبيعية عمله وماذا تتطلب منه.
لكن بشكل عام المكتب في غرفة النوم يوفر الكثير من الفوائد وبعض المعضلات تعرف عليها:
غالبا ما تكون غرفة النوم أكثر الأماكن هدوءا في المنزل وبعيدة عن ضوضاء التلفاز أو حركة الأطفال.
لذلك، فإن المكتب في غرفة النوم قد يوفر للموظف تركيزا أعلى. وهو الحل المثالي لمن يشارك السكن أو يعيش في شقق صغيرة.
ومع ذلك يجب الانتباه حتى لا تتحول حياة الشخص إلى عزلة غير صحية إذا طالت ساعات العمل.
الدماغ يربط الأماكن بالأنشطة، وعندما نعمل باستمرار في غرفة النوم، ويبدأ العقل بربطها بالمهام والضغوط بدلا من الراحة.
يؤدي ذلك إلى صعوبة في الاسترخاء أو الدخول في النوم العميق، إضافة إلى ذلك، فإن الضوء الأزرق الصادر عن الشاشات يضعف إفراز هرمون الميلاتونين، مما يربك الساعة البيولوجية للجسم.
لذلك، وجود مكتب في غرفة النوم قد يبدو عمليا نهارا، لكنه مضر بجودة النوم ليلًا.
المكاتب في غرف النوم تحتاج إلى إدارة ذكية للمساحة، فالفوضى الناتجة عن أوراق متناثرة أو أجهزة متكدسة قد تخلق شعورا بالضغط النفسي وتفقد الغرفة هويتها كملاذ للراحة.
يمكن التغلب على ذلك بحلول عملية، مثل استخدام مكاتب قابلة للطي، أو تخصيص صناديق مغلقة لتخزين الأدوات بعد انتهاء العمل.
فالحفاظ على النظام البصري يساهم في تقليل التوتر، ويمنح الغرفة أجواء أكثر صفاءً وراحة.
حتى مع وجود المكتب في غرفة النوم، يمكن خلق توازن عبر وضع حدود واضحة. فتحديد ساعات عمل ثابتة، وإغلاق الكمبيوتر عند الانتهاء، وتغطية المكتب بقماش أو ستارة صغيرة ليختفي عن النظر.
هذه الخطوات البسيطة تعطي الدماغ إشارة بأن وقت الراحة قد بدأ. والفصل النفسي بين المساحتين ضروري، وإلا ستذوب الحدود بين العمل والحياة الشخصية بشكل يؤثر سلبا على الصحة الذهنية.
في حال لم تكن غرفة النوم الخيار الأمثل، يمكن التفكير في أماكن أخرى ضمن المنزل، مثل ركن صغير في غرفة المعيشة أو حتى مكتب متنقل بعجلات قد يكون أكثر ملاءمة.
ويمكن استغلال الخزائن الواسعة وتحويلها إلى مكاتب خفية تغلق عند انتهاء اليوم.
هذه الحلول توفر خصوصية عملية من دون أن تمس بجودة النوم. الأمر يعتمد على الإبداع في استغلال المساحات بدلا من التضحية براحة غرفة النوم.
إقامة زاوية أو مكان للعمل في غرفة النوم يمكن أن يكون حلا مؤقتا ومنقذا، لكنه ليس دائما الخيار الأفضل. ونجاح التجربة يعتمد على وعي الشخص بحدوده، وقدرته على تنظيم المساحة وفصل العمل عن الراحة.