إذا كنتِ تفكرين بالزواج، وتراودكِ تساؤلات عن المرحلة المقبلة من حياتكِ، فقد تجدين نفسكِ تتأملين في مدى استعدادكِ لهذه الخطوة، وفيما إذا كانت الأمور تمضي بوتيرة أسرع مما ينبغي، أو عمّا يجب فعله قبل الالتزام.
فالزواج ليس نهاية الطريق، ولا مكافأة تُمنح بعد اجتياز تجربة الحب، ولا شارة تُعلّق بمجرد اختيار الشريك. إنه بداية فصل جديد في رحلتكِ، فصل يستحق أن تدخليه وأنتِ ممتلئة من الداخل، واثقة، ومستعدة، لا تُسايرين القطار خوفًا من أن يفوتك، ولا تُخفين في قلبكِ شعورًا بأنكِ تخلّيتِ عن شيء يخصكِ لأجل الوصول.
هل أنت مستعدة للزواج؟
يسأل معظم الناس أنفسهم ما إذا كانوا مستعدين لخطوة الزواج، لكن ما يدور في خاطرهم حقيقةً هي التساؤلات التالية: هل عشت بما فيه الكفاية؟ هل سأفقد نفسي في هذا؟ هل سأندم على قلة تجربتي قبل الالتزام؟
لا تنم هذه الأسئلة عن خوف أو شك، إنما عن مشكلة في الثقة بالنفس. يجب أن تشعري بالرضا التام عن نفسك، عما عشته، وعن قدراتك، بحيث لا تدخلي الزواج وأنت تأملين بأن يُكملك أو يُنقذك، بل عليك أن تدخليه و أنت في أفضل نسخة من نفسك.
إليك الأمور الحقيقية التي يجب أن تنجزيها قبل الزواج.
أهمية الجانب النفسي
هناك نظرية جميلة في علم النفس تُعرف بمراحل إريكسون النفسية الاجتماعية. وتقول هذه النظرية أنه قبل الوصول إلى مرحلة الحب والزواج، يجب أن تنهي مرحلة ما يعرف بـ”الهوية“. بعبارة أبسط، عليك معرفة نفسك قبل أن تُشاركي حياتك مع شخص آخر، وإلّا فإنك ستواجهين خطر تشكيل نفسك وفقاً لصورة شريكك، والتوقّع أن الحب سيصلّح لك ما لم تصلحيه بنفسك.
ليس الزواج جلسة علاج، ولا إعادة تشكيل لشخصيتك، إنما هو شراكة بين شخصين ناضجين. وتُظهر الدراسات أن النضج العاطفي، والوعي الذاتي، والمهارات الاجتماعية، مثل الّتواصل وحلّ النزاعات، هي من أقوى المؤشرات على إمكانية نجاح العلاقة الزوجية.
ما يجب أن تحققيه قبل الزواج
إليك أبرز الأشياء التي يتوجب عليك تطوير نفسك بها قبل دخول عش الزوجية:
1. إعرفي نفسك أولًا
تتكون الهوية والنضج العاطفي عندما تعيشين بمفردك، حيث تتعلمين الانضباط والراحة في الوحدة. استمتعي بصحبة ذاتك، سيساعدك السكون على تعزيز اتصالك بنفسك، وعلى تحديد قيمك الجوهرية. حاولي استكشاف أنماطك العاطفية، هل أنت مثلاً من النوع الذي يُخفي مشاعره حتى تنفجر؟
قبل البدأ بعلاقة جديدة، تصالحي مع علاقاتك السابقة واتركيها خلفك. تعلمي منها كيف تعبرين عن نفسك عاطفياً، وكيف تكتفين بما أنت عليه من دون الحاجة إلى التأكيد من أحد. ومن أهم الأمور التي يجب أن تتقنيها هي أن تتقبلي الأخطاء برفق وتعتذري من دون لوم.
2. ابنِ حياة تُحبينها بمفردك
إن الاستقلالية تعدّك لحياة زوجية أفضل. سافري وحيدة لتتعرفي على نفسك، ثم أنشئي مساحتك الخاصة أو مسكنك واكتشفي شغفك، قومي بما تحبين وحدك بعيداً عن الأناس المرهقين، ولا تنسي أن ترسمي حدودك الشخصية وتحافظي عليها.
إن اتخاذ قرارات كبيرة بمفردك سيعزز استقلاليتك وقدرتك على تحقيق أهدافك بعيداً عن الحب. واحرصي على أن تلتزمي بوعودك لنفسك.
3. تعّلمي حكمة الحب
عيشي الحب كاملاً، وإذا انتهى، تعلّمي أن تفارقي باحترام. تحدّثي مع شريكك عن الأمور الحساسة كالمال والدَّين، والتوقعات الأسرية، ولا تبخلي بالتعبير عن ضعفك وعن أحلامك. و إذا تخاصمتما، تعلّمي التعبير من دون هجوم.
إن الحب أخذ وليس فقط عطاء، تعرّفي على لغة الحب الخاصة بك وتلك الخاصة بشريكك وفرّقي بين الكيمياء وبين التوافق الحقيقي.
4. أتقني مهارات الحياة
بدايةً، على الصعيد الشخصي، تعلّمي أن تديري أموالك، كوضع الميزانية والإدّخار، واهتمّي بصحتك النفسية والجسدية. ثانياً، لا تقللي من أهمية متابعة الأمور المنزلية، كالطبخ والترتيب والتصليح، ستحتاجين هذه المهارات بلا أدنى شك.
مهنياً، تعاملي باحترافية وإيجابية، وتحمّلي مسؤولية أخطائك بدون خجل. واحرصي أن تأخذي قسطك من الراحة من دون الإحساس بالذنب. و فيما يخص العلاقات والتعاملات، افهمي الجوانب القانونية جيداً ولا تهمليها.
5. اسألي نفسك الأسئلة المهمّة
- هل أحببتُ الشخص الذي كنتُه وأنا عزباء؟
- هل أختار هذا الشخص الآن لذاته، أم لأنني لا أريد أن أبقى وحيدة؟
- أي نوع من الزواج أريد؟
- هل تحدثتُ مع شريك المستقبل عن الأمور غير المريحة كالمال، الأطفال، الدين والأدوار التي تنتظرنا.
- ولو بقيت الأمور كما هي الآن، هل سأكون سعيدة؟
لا يقتصر الزواج فقط على عثورك على الشخص المناسب، بل يتضمن أن تصبحي أنت الشخص المناسب للزواج.
إن الخطوات التي ذكرناها هي دعوات للنضج والنمو، بحيث تكونين ذلك الشخص الذي يدخل الزواج بعيون مفتوحة وقلب كامل.
خذي وقتك، عيشي حياتك، وعندما تقولين نعم لشخص آخر، تأكّدي أنك قلت نعم لنفسك أولاً.
