في حدث فلكي غير مسبوق، رصد علماء الفلك سلسلة من انفجارات أشعة غاما من مصدر واحد خلال فترة زمنية قصيرة، وهي ظاهرة لا تندرج تحت أي من النماذج العلمية المعروفة حتى اليوم، بحسب ما أفاد به المرصد الأوروبي الجنوبي.
تُعدّ انفجارات أشعة غاما (Gamma-Ray Bursts - GRBs) من أكثر الظواهر الكونية عنفاً، وتنتج عن أحداث كونية كارثية مثل انهيار النجوم العملاقة أو التهامها بواسطة الثقوب السوداء.
وتستغرق هذه الانفجارات عادة من بضعة أجزاء من الثانية إلى دقائق معدودة، لكن تُطلق خلالها طاقة تفوق ما تنتجه الشمس في مليارات السنين.
أشار الدكتور أنتونيو مارتن-كاريلو من جامعة دبلن، وهو أحد المشاركين في الدراسة المنشورة في مجلة The Astrophysical Journal Letters، إلى أن انفجارات أشعة غاما تُعدّ أحداثاً مدمّرة بطبيعتها، ولا يُتوقع أن تتكرر من المصدر نفسه؛ لكن ما تم رصده في صيف هذا العام خالف هذا المفهوم تماماً.
فخلال يوم واحد فقط، التقط تلسكوب "فيرمي" الفضائي التابع لوكالة ناسا ثلاث ومضات قوية من الموقع نفسه في الفضاء، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ رصد هذه الظواهر الذي يمتد لأكثر من خمسين عاماً.
لاحقاً، أظهرت بيانات إضافية من تلسكوب "أينشتاين" الفضائي، المشغَّل بالتعاون بين الصين ووكالة الفضاء الأوروبية، أن المصدر نفسه كان نشطاً حتى قبل الرصد الرسمي بحوالي 24 ساعة.
ووفقاً للعالم أندرو ليفان من جامعة رادبود الهولندية، فإن الإشارة كانت أطول بـ100 إلى 1000 مرة من متوسط مدة انفجارات أشعة غاما المعروفة.
في البداية، ظن العلماء أن الانفجارات جاءت من داخل مجرّة درب التبانة، لكن صوراً ومشاهدات أدقّ من التلسكوب العملاق "VLT" في صحراء أتاكاما التشيلية، إلى جانب تأكيدات من تلسكوب هابل الفضائي، أشارت إلى أن المصدر ربما يقع في مجرّة أخرى على بُعد عدة مليارات من السنين الضوئية، ما يعني أن قوة الانفجار كانت هائلة بشكل يفوق التصور.
رغم تعدد التفسيرات المحتملة، فإن السبب الحقيقي وراء هذه الظاهرة لا يزال لغزاً، من الفرضيات المطروحة: انهيار نجم فائق الكتلة بطريقة غير معتادة، أو ربما تدمير نجم نادر على يد ثقب أسود أكثر غرابة.
وبينما يستمر العلماء في تحليل البيانات بحثاً عن تفسير، يبقى هذا الحدث علامة فارقة في تاريخ مراقبة الكون، وقد يفتح آفاقاً جديدة لفهم كيفية تطوّر المجرات ونهاية النجوم.