في خطوة تاريخية نحو حماية صحة المستهلكين، أعلن الاتحاد الأوروبي حظر استخدام مادة بيسفينول أ (BPA) في جميع المواد التي تلامس الطعام وذلك بعد سنوات من الجدل والبحوث التي حذّرت من التأثيرات الصحية الضارة لهذه المادة الكيميائية.
بعد أكثر من عقدين من الدراسات العلمية التي كانت تميل إلى اعتبار مادة بيسفينول أ (BPA) آمنة نسبيًا، قرر الاتحاد الأوروبي حظر استخدامها، رسميًا، بعدما اتضح أنها تُخلّ بالنظام الهرموني للإنسان وتُحاكي هرمون الإستروجين، مما يثير مخاوف صحية خطيرة خاصة على الأطفال والنساء الحوامل.
وبذلك، تنضم مادة BPA إلى قائمة طويلة من المركبات الكيميائية التي أُدرجت، لاحقًا، في خانة الخطر، مثل: DDT، ومركبات الكلوروفلوروكربون، بعد أن كانت تعد، في وقت سابق، "ابتكارات لا غنى عنها".
مادة BPA هي مركب كيميائي يُستخدم، منذ عقود، في صناعة البلاستيك الشفاف والمقاوم للكسر، مثل: عبوات المياه، وعلب الأطعمة المعدنية، وبعض أوعية حفظ الطعام.
لكن الخطير أن هذه المادة تُعدّ من المواد المعطّلة لعمل الغدد الصماء، أي أنها تحاكي هرمونات الجسم، خصوصًا هرمون الإستروجين، مما يؤدي إلى اضطرابات هرمونية قد تشمل:
وأثبتت دراسات متعددة أن هذه المادة يمكن أن تنتقل من العبوة إلى الطعام أو الشراب، خصوصًا عند تسخينها أو تخزينها لفترات طويلة.
اعتبارًا من يناير 2025، دخل حظر مادة BPA حيز التنفيذ، رسميًا، في دول الاتحاد الأوروبي، ليشمل جميع المنتجات التي تلامس الطعام، مثل: زجاجات المياه البلاستيكية، علب الطعام والمعلبات، عبوات الحليب والعصائر، وأدوات المطبخ البلاستيكية
يأتي هذا القرار استنادًا إلى تقييم جديد صادر عن هيئة سلامة الأغذية الأوروبية (EFSA)، التي خفّضت الحدّ الآمن لاستهلاك BPA إلى مستويات قريبة من الصفر، بعدما أكدت تأثيرها الضار حتى عند مستويات منخفضة جدًا.
هذا الحظر يدفع المصنّعين إلى اعتماد بدائل أكثر أمانًا، مثل عبوات خالية من BPA أو المصنوعة من مواد أخرى كالبولي إيثيلين تيريفثالات (PET) لكن هذه العملية تتطلب استثمارات في البحث والتطوير، بالإضافة إلى تعديل خطوط الإنتاج.
أما المستهلكون، فسيلاحظون وجود ملصقات جديدة على العبوات تشير إلى أنها خالية من BPA. ومن المتوقع أن يؤدي هذا التحول إلى تعزيز ثقة المستهلكين، وتحسين السلامة الغذائية على المدى الطويل.
في حين أن أوروبا كانت سبّاقة، فإن أنظار المنظمات الصحية حول العالم تتجه، الآن، نحو هذا القرار الأوروبي. وقد بدأت بعض الدول بمراجعة سياساتها التنظيمية، مما قد يمهّد لحظر عالمي محتمل لهذه المادة المثيرة للجدل.