غيّب الموت اليوم السبت 26 يوليو/ تموز 2025 الفنان والموسيقي اللبناني زياد الرحباني، ابن الفنانة فيروز وأحد أبرز أعمدة الموسيقى والمسرح في العالم العربي، عن عمر يناهز 69 عامًا.
نعى المخرج السوري جود سعيد الموسيقي اللبناني الراحل زياد الرحباني، معبّرًا عن حزنه العميق لغياب أحد أعمدة الموسيقى العربية الحديثة، وابن السيدة فيروز والموسيقار الراحل عاصي الرحباني.
ونشر سعيد عبر حسابه الرسمي في "إنستغرام" مجموعة صور للرحباني، وكتب معلقًا "ورحل أصدقُنا... لم يُهادِن لا في رأيه ولا في موسيقاه. العبقري الأصيل، ستبقى رمزاً للحرّ الحقيقي".
وتفاعل متابعو جود مع المنشور بكلمات مؤثرة، مستحضرين محطات لافتة في مسيرة زياد الإبداعية، التي شكّلت علامة فارقة في المشهد الثقافي العربي، وجعلت منه صوتًا حرًا وموقفًا نقديًا لا يُشبه سواه.
ولد زياد الرحباني في 1 يناير 1956، ليحمل إرثًا ثقافيًا هائلًا من والديه، لكنه سرعان ما شقّ طريقه الخاص بأسلوب لا يشبه إلا نفسه. خرج عن الخط الرحباني الكلاسيكي، وقدّم أعمالًا تفيض بالهمّ السياسي والاجتماعي، فكان صوته صوت جيل، ورمزًا صلبًا من رموز اليسار الثقافي في العالم العربي.
وبدأت بصمته تظهر مبكرًا، حين لحّن أغنية "سألوني الناس" لوالدته فيروز وهو في السابعة عشرة من عمره، أثناء مرض والده. ثم توالى حضوره المستقل عبر أعمال مسرحية موسيقية نقدية جسّدت الواقع اللبناني والعربي بجرأة، من أبرزها:
"بالنسبة لبكرا شو؟" (1978)
"فيلم أميركي طويل" (1980)
"بخصوص الكرامة والشعب العنيد" (1993)
"نزل السرور"، "شي فاشل"، "لولا فسحة الأمل"
وفي الموسيقى، مزج زياد ببراعة بين الجاز والمقامات الشرقية والموسيقى الكلاسيكية، فخلق لونًا فنيًا خاصًا به، كتب ألحانًا وأغانٍ أصبحت من كلاسيكيات الزمن الحديث، سواء بصوت فيروز مثل:
"عودك رنان"
"كيفك إنت"
"بلا ولا شي"
أو بصوته هو، في أعمال مثل:
"أنا مش كافر"
"عايشة وحدا بلاك"
"راجعين يا هوا"
"إسمك بالسطور"
"إيه في أمل" (الذي تحول لألبوم كامل بصوت فيروز عام 2010)
لم يكن الموت بالنسبة إلى زياد الرحباني مأساة، بل واقعًا يتأمله بسخرية وألم. في أكثر من مناسبة، وصفه بأنه "الوحيد غير القابل للتفاوض"، وقال "أنا ما بخاف من الموت، بس بخاف موت قبل ما خلّص شي كنت عم حضّرله".
وفي لقاء شهير ضمن برنامج "خليك بالبيت"، اعتبر أن الموت ليس دائمًا نهاية مأساوية، بل قد يكون "استراحة أخيرة من عبث الحياة".
وفي تسجيل إذاعي ساخر، قال "الموت مش مفاجأة، هو معروف جاي، بس اللي بيزعج فيه إنو بيجي بلا موعد".
وعندما استذكر والده الراحل عاصي، قال "الموت مش بس فقد جسدي، هو كمان انقطاع حوار... أبوّي كان صوت بكل الغرف، ولما غاب، صارت الغرف فاضية".