header-banner
ناهد الحلبي

ناهد الحلبي: لا أخاف الموت.. ولا أثق بأحد

مشاهير
وائل العدس
18 أغسطس 2025,7:45 ص

تُعدّ الممثلة السورية القديرة ناهد الحلبي، ابنة الجيل الذهبي للدراما السورية، وإحدى أيقوناتها البارزة، بعد أن تميزت بحضورها الصادق والأداء المتفرّد. ورغم غيابها الطويل، فقد نجحت في أن تحجز مكانة مرموقة في قلوب المشاهدين، محافظةً على شغفها وحبها واحترامها للفن، تاركةً بصمة لا يمكن تجاهلها.

في حوار الأسبوع مع موقع "فوشيا"، نقترب أكثر من تجربة الفنانة ناهد الحلبي، ونستعيد معها محطات من حياتها الاجتماعية ومسيرتها الفنية بعد سنوات حافلة بالعطاء.

ناهد الحلبي: لا أفرّط في إعطاء أي شخص أكثر من حقه

41f5f8e8-1a86-4f52-8589-558a249c3b0d

بلغتِ العقد السابع من العمر وما زلتِ تحتفظين بجمالك وروحك الشابة، فما السر؟

أحمد الله على هذه النعمة، فهي ليست جهداً شخصياً بقدر ما هي عطية من رب العالمين. اعتدت أن أكون متفائلة ومحبة للحياة، ولا يوجد عندي أمر مستحيل سوى الموت، فهو الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن تجاوزها. أحرص دائماً على تبسيط الأمور وعدم تعقيدها، فإن لم ينجح الأمر في مكان، سينجح في آخر، فهناك ملايين الحلول ما عدا الموت، فهو بلا حل.

هل الأمر يعود إلى شخصيتك أو إلى بيئتك؟ 

الأمر مزيج بين شخصيتي والثقافة التي نشأت فيها. تربيت في بيئة أسرية ومجتمعية مرنة وبعيدة عن التعصب، وهو ما ترك أثراً كبيراً في حياتي. كنتُ أعيش دائماً في أجواء يسودها التفاهم والسلاسة في التعامل مع مختلف المواقف.

ألم تواجهين صعوبات عند التقدم في العمر؟ 

أبداً. أجد أنني في هذا العمر، أجمل مما كنت في الرابعة عشرة من عمري، رغم ما يراه الناس من أن فترة الصبا كانت لافتة. أعتقد أن النضج، إلى جانب عوامل أخرى، لعب دوراً في ذلك.

هل تعتقدين أن تفكيرك مختلف عن النساء الشرقيات؟

 لا أقبل أي فكرة أو معتقد أو عادة على أنه مسلَّم به لمجرد أنه متعارف عليه. أؤمن أن الله منحنا عقلاً لنتفكر ونبحث عن قناعاتنا بأنفسنا، لا أن نقلد الآخرين. لذلك، لا أضع قيوداً على نفسي، وأسعى دائماً للوصول إلى قناعاتي بجهدي وتفكيري.

أيهما يطغى على حياتك الإنسانة أم الممثلة؟ 

أنا شخص حقيقي وصادق مع نفسي، ولا أرى ضرورة لارتداء أقنعة في حياتي اليومية. الممثل الحقيقي يفشل إذا حاول التمثيل في الحياة الواقعية، لأنه يعيش بطبيعته. حياتي الشخصية انعكست على عملي، لأني لا أرتدي أقنعة، وأفضّل أن أكون مرتاحة مع من أجلس معهم، وأن يضيف اللقاء قيمة ما، لا أن يكون مجرد أحاديث فارغة.

لكن المجاملة مطلوبة أحياناً؟

بالتأكيد، لكنني أمارسها في حدود. لا أفرّط في إعطاء أي شخص أكثر من حقه، وأحرص على أن تكون المجاملة في إطار الاحترام، لا على حساب راحتي أو قناعاتي. 

ناهد الحلبي لـ"فوشيا": كنتُ ساذجة جداً في بعض المواقف

487027ce-0128-44fc-b764-cb51f2a1d64f

هل مررتِ بمواقف ندمتِ فيها على قول "نعم" بدل "لا"؟

بالطبع. تمر علينا مواقف كثيرة، وبعد فترة نراجع أنفسنا ونتمنى لو أننا رفضنا أو تصرفنا بشكل مختلف. أحياناً يكون الأمر عناداً أو مكابرة، وأحياناً ضعفاً أمام ظرف معين. نحن بشر، ولسنا أقوياء في كل المواقف.

كيف كان الأمر مع زوجك؟

بصراحة، كنتُ ساذجة جداً في بعض المواقف. نعم، قلت "لا" أحياناً، لكن في مواقف أخرى كان ينبغي أن أرفض ولم أفعل، مثل منعي من التمثيل وأنا في أوج مسيرتي. سبعة عشر عاماً من التوقف ليست فترة قصيرة، وكانت من أصعب محطات حياتي.

هل كان ذلك سبباً في الانفصال؟

الأمر كان نتيجة تراكمات، لكن بالتأكيد هذا القرار كان من أبرز الأسباب.

هل تؤمنين أنك لولا تلك السنوات، لكنتِ في مكان مختلف اليوم؟

بلا شك. أعرف أنني كنت سأكون في الصدارة.

إذاً، كان ذلك أصعب موقف؟

تماماً. وهنا ندرك أن الضعف البشري قد يجعلنا أحياناً غير قادرين على اتخاذ القرار الصحيح. القرار لم يكن سهلاً، فقد كانت هناك ظروف وعوامل كثيرة تحيط بي وتجعل قول "لا" أصعب مما يبدو.

بعد عودتك للفن، هل استطعتِ تعويض فترة الغياب؟

هناك حادثة لا أنساها، كانت سبباً مباشراً لعودتي. كنت أركب "تاكسي"، وعندما سألت السائق عن الأجرة، قال لي: ولو مدام ناهد، أنتم الجيل الذهبي. استغربت أن يتذكرني بعد كل تلك السنوات، فأجاب: أنتم لا تُنسَون، أنتم محفورون في وجداننا. كانت تلك الكلمات مفصلية بالنسبة إلي، وأدركت أن عليّ العودة. وقتها شعرتُ أن الوقت قد حان، وأن الغياب طال بما فيه الكفاية.

ماذا أخذ منك الزواج المبكر؟

لم يأخذ مني شيئاً، بل أعطاني. منحني أولاداً كبرتُ معهم وتشاركتُ معهم مراحل حياتي. في النهاية، كل ما نعيشه هو نتيجة خياراتنا نحن.

لماذا بقيتِ عزباء بعد انفصالك؟ 

جربت حظي مرة، وما أردت أن أكرر التجربة مرة ثانية. العيش بلا رجل ليس صعباً، بل بالعكس، أنا مقتنعة تماماً بهذه المرحلة من حياتي. وأنا متصالحة مع ذاتي ومرتاحة مع نفسي، وهذا أمر في غاية الأهمية.

ناهد الحلبي لـ"فوشيا": ليس لديّ شلة مقربة

f584632a-7c66-41aa-91de-3b25a7bd8130

رغم غيابك الطويل، هل حققتِ بعض أهدافك؟

طبعاً. الشهرة الحقيقية بالنسبة لي هي محبة الناس، الحمد لله، ردود الفعل حول اسمي إيجابية، وليس لديّ ما يثير علامات الاستفهام. أنا حريصة جداً على ما أقوله وأين أتواجد، وأؤمن أن الغياب أحياناً أفضل من الحضور الدائم. لديّ حياتي وقراراتي وخصوصيتي، ولا أحب أن أكون مستباحة في أي وقت.

هل يوجد شخص في الوسط الفني تثقين به كثيراً؟

في الحقيقة، لا أثق بأحد إطلاقاً، ليس في الوسط الفني فقط، بل في حياتي عموماً. أنا لا أخوّن، لكنني أظل حذرة وحريصة، وهذا كان عاملاً مهماً حماني من الوقوع في كثير من المطبات. دائماً أضع مسافات بيني وبين الآخرين، حتى مع أسرتي وأقرب الناس إليّ. لا أتجاوز هذه المسافات، ولا أسمح لأحد بتجاوزها، وهذا منحني حصانة من المشكلات والخلافات.

حتى على صعيد الصداقات، نادراً ما نراكِ في مجموعات أو جلسات نسائية؟

صحيح. مشاركاتي الاجتماعية محدودة جداً، ولا أخرج إلا في المناسبات الضرورية. كل من حولي أعتبرهم أصدقاء وزملاء وأكنّ لهم الاحترام، لكن ليس لديّ شلة مقربة. ربما لهذا السبب لم يحدث بيني وبين أي شخص خلاف أو كلمة جارحة طوال مسيرتي، فلا أحد يستطيع أن يقول إنني أسأت إليه أو تحدثت عنه بسوء.

عائلياً، تبدو علاقتك بأحفادك مميزة، فما السر؟

لا أعرف إن كان هناك سر، فأنا مثل أي جدة حنونة وطيبة، أحياناً أصرخ عليهم أو أتشاجر معهم، وحتى "الشحاطة" قد تُستخدم في وقتها، لكن كل شيء يحدث بقدره.

هل كنتِ أكثر صرامة مع أولادك أو مع أحفادك؟

لا مع هؤلاء ولا مع أولئك. لكن ربما أحفادي حصلوا على حنان أكبر، لأنني كبرتُ ونضجتُ وأصبحتُ أكثر قدرة على احتوائهم. مع أولادي كنتُ صغيرة السن، وكنا بحاجة معاً لمن يحتوي كلاً منا، أما مع أحفادي فأنا من يحتويهم. ولا سيما أنني تزوجتُ بسن صغيرة، حتى إنني أشعر أن ابني طارق هو صديقي أكثر من كونه ابني.

هل كانت هناك وصايا أو نصائح من والديك نقلتيها إلى أولادك أو أحفادك؟

بعد هذا العمر، أدركتُ أن النصائح لا تعطي نتائج حقيقية، وأن السلوك هو الذي يترك الأثر. يمكنني أن أنصح أحفادي بأن يحذروا من أصدقائهم، لكنهم لن يتأثروا إلا إذا رؤوا ذلك في سلوكنا أو اختبروه بأنفسهم. الإنسان لا يتعلم إلا من تجربته الخاصة، فهي التي تقويه وتفيده، أما النصائح فغالباً ما تكون مجرد كلام. وأمي وأبي لم يوصياني بشيء مباشر، لكنني تعلمتُ من سلوكهما. لم يقولا لي يوماً "صلي" أو "صومي" رغم أنهما كانا يمارسان هذه العبادات، ولم يمنعاني من ارتداء الملابس القصيرة، بل منحاني الحرية في إطار أسرة حاضنة ومتفهمة.

لذلك تبدين أكثر هدوءاً اليوم؟

نعم، أصبحت أكثر هدوءً، وإن كنتُ أحياناً أنفعل لأسباب بسيطة جداً، لكنني غالباً أحاول حل المشكلات بروية.

ناهد الحلبي لـ"فوشيا": هيا مرعشلي تمتلك فلسفة في الحياة وطريقة تفكير مختلفة عن كثيرين

c65ed42d-46d2-4328-be57-8167bdf23501

كأم وكفنانة، هل أنتِ راضية عما وصل إليه نجلك طارق في الدراما السورية؟

كنتُ أتمنى أن يحقق أفضل مما حقق، وأن يحصل على فرص أكبر بكثير، فقد كان ذلك ممكناً. لكنني أرى أن العلاقات والشللية تلعب دوراً أساسياً في الوسط الفني. نحن لا نجيد هذه اللعبة، ولا نعرف مبدأ "أعطني لأعطيك". هو محبوب جداً في الوسط الفني وخارجه، وهذه المحبة صادقة ومجانية. وقد أدى أدوار بطولة في وقت لم يكن فيه كثيرون يتوقعون له ذلك، قبل أن يظهر نجوم آخرون.

وماذا عن حفيدتك هيا مرعشلي، رغم صغر سنها تبدو متميزة، إلى أين يمكن أن تصل؟

هيا تمتلك فلسفة في الحياة وطريقة تفكير مختلفة عن كثيرين. أعتقد أنه لو كانت في بيئة فنية تحترم الموهبة بعيداً عن الشللية، لكانت في القمة. وهنا أقصد بيئة لا يُختار فيها الممثل بناءً على تخفيض أجره، بل على ملاءمته للدور. للأسف، كثير من القرارات في الوسط تخضع لهذا النوع من الحسابات. نحن كعائلة نحترم أنفسنا وتاريخنا الفني. بعد كل هذه السنوات، لا أقبل أن يستهين بنا أحد، خصوصاً من لا يمتلك التجربة الكافية. احترامنا للآخرين لا يلغي احترامنا لذواتنا.

درامياً، ما الذي يحدد قبولك للدور: القيمة الفنية أم الأجر المادي؟ 

الأمر يعتمد على الظروف. إذا كنتُ أمر بضائقة مادية، قد أقبل بدور لمجرد الأجر، خاصة أننا في هذه المرحلة العمرية تقل الأدوار المناسبة لنا. الأدوار التي أحلم بها نادراً ما تُعرض عليّ الآن، وغالباً ما تذهب البطولة للشباب أو الفئات العمرية الأصغر، على عكس ما يحدث في الخارج حيث تُكتب أدوار خاصة لهذه المراحل.

برأيك، هل ما زالت الدراما السورية تحافظ على روحها الأصلية؟

الدراما السورية كانت تترك بصمة واضحة، تماماً كما نميز لوحة بيكاسو أو ليوناردو دافنشي بمجرد النظر إليها، من دون الحاجة لمعرفة اسم الرسام. السر في البصمة هو التفرد، أن تكون مختلفاً، لا تشبه أحداً. أما اليوم، فقد فقدت الدراما السورية تفردها، كما الأمر في الدراما المصرية واللبنانية، وكلها باتت متشابهة. ربما يعود السبب إلى انفتاح المجتمعات وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، التي جعلت البعيد قريباً جداً، وعرضت الناس على ما يحدث في آخر قرية في العالم. هذا طبيعي، لكن التفرد أصبح نادراً، وما يميزك كفنان هو بصمتك الخاصة.

كيف ترين الغيرة بين ممثلات هذا الجيل مقارنة بجيليكم؟

الزمن تغير، والغيرة موجودة اليوم بشكل أكبر، ليس فقط في الوسط الفني بل حتى بين الأشقاء، والسبب في رأيي هو سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فهي سلاح ذو حدين. في زمننا كنا قلة، وكان يجمعنا الود، وكنا نخرج ونجتمع معاً، ولم تكن هناك هذه الحالة من التنافس الحاد. كان الاحترام سائداً والعلاقات ودودة، حتى أن بعض زملائنا من الجيل الحالي تمنوا لو عاشوا ما عشناه.

هل شعرتِ يوماً بالغيرة من نجاح شخص معين؟

أبداً. قد أغار من دور جميل وأتمنى لو أنني لعبته، لكن بعيداً عن الشخص الذي أداه. مثلاً، في مسلسل "عندما تشيخ الذئاب"، كان هناك دوران رائعان، تمنيت لو كنتُ أنا من لعب أحدهما، فالعمل كان مميزاً للغاية.

تمارسين الرياضة بشكل منتظم، فما تأثيرها في حياتك؟

الرياضة علمتني المحاكمة العقلانية. حين كنت أمارس المشي ساعة يومياً وأخصص ساعة أخرى للتمارين، كنت أتنفس جيداً وأرى وجوهاً وأماكن جديدة، وهذا ينعكس إيجاباً على التفكير. حتى مشكلاتي الشخصية أصبحتُ أتعامل معها بقدر أكبر من الحكمة. الرياضة كانت متنفساً كبيراً، ووسيلة لضبط الانفعالات والتقليل من ردود الفعل الحادة. بدأت بممارسة الرياضة منذ عام 1991 بعد ولادة ابنتي. ومنذ ذلك الوقت لم أتوقف. ما تمنحه الرياضة للعقل أهم بكثير مما تمنحه للجسد؛ فهي لا تنظف فقط، بل تصفي الأفكار وتجعلك أكثر تقبلاً للآخر وقدرة على امتصاص المشكلات.

أخيراً، هل تخافين الموت؟

لا، كل شيء بيد الله، إذا كان وقتي حان فلن أستطيع الهرب منه. خلال الزلزال الأخير، رفضتُ النزول من البيت رغم خوف ابنتي وأحفادي عليّ، لأن الموت مقرر لا محالة.

أخبار ذات صلة

ناهد حلبي: هيا مرعشلي ليست جرئية وزوجي منعني 17 عامًا من التمثيل

ناهد حلبي: هيا مرعشلي ليست جرئية وزوجي منعني 17 عامًا من التمثيل

google-banner
footer-banner
foochia-logo