خلف بريق عالم الشهرة اليومي، تختبئ قصص صراع قاسية مع المرض والإصابة. ورغم الظهور المتكرر للفنانات على الشاشات والمسارح، وجدن أنفسهن في لحظات فارقة وجهاً لوجه مع محن صحية كادت تغيّر مسار حياتهن بالكامل.
ومنذ عام 2016 وحتى اليوم، توالت اعترافات وتجارب شخصية لعدد من أبرز النجمات العربيات والعالميات، حملت الكثير من الألم، لكنها في الوقت نفسه أضاءت على هشاشة الإنسان مهما بلغ مجده الفني، وفتحت مساحة للتأمل والتوعية.
نرصد هنا أبرز النجمات العربيات والعالميات اللواتي واجهن أزمات صحية أثّرت في مسيرتهن الفنية والشخصية، وتحوّلت إلى محطات فارقة في حياتهن.
عادت مصر إلى واجهة العناوين في صيف 2025 بعد الأزمة الصحية المفاجئة للفنانة أنغام، إذ انتشرت شائعات حول إصابتها بسرطان الثدي، قبل أن يصدر مكتبها الإعلامي بيانًا ينفي ذلك، موضحًا أن الحقيقة تتعلق بمشكلة في البنكرياس.
سافرت أنغام إلى ألمانيا، حيث خضعت لجراحة دقيقة لاستئصال ورم كيسي تسبّب في آلام متكررة.
رغم طمأنة جمهورها بشأن استقرار حالتها، أثارت صورة انتشرت على مواقع التواصل قيل إنها من سرير المستشفى موجة من القلق، قبل أن يتبيّن لاحقًا أنها صورة زائفة مولّدة بتقنيات الذكاء الاصطناعي. الحادثة سلطت الضوء على خطر التضليل الرقمي، وكيف يمكن له أن يزيد من قلق الجمهور في لحظات حرجة.
في صيف 2018، فاجأت الفنانة اللبنانية إليسا جمهورها بعمل غنائي خرج عن المألوف، فقد أطلقت فيديو كليب "إلى كل اللي بيحبوني"، الذي تحوّل إلى إعلان مؤثر عن معركتها مع سرطان الثدي، بعد تشخيصها في ديسمبر/كانون الأول2017.
ظهر الكليب كلحظة اعتراف ومواجهة، إذ سردت إليسا تفاصيل تجربتها من جلسات العلاج الكيماوي إلى لحظات الانكسار والصمود. تجاوز العمل كونه مجرد أغنية، ليغدو أيقونة للتوعية بأهمية الكشف المبكر، وفتح نقاشًا واسعًا حول المرض في المجتمع العربي.
في يوليو/تموز 2021، عاش الجمهور المصري صدمة حقيقية بعد دخول الممثلة ياسمين عبد العزيز إلى العناية المركزة، إثر مضاعفات خطيرة عقب جراحة وُصفت بالبسيطة في الجهاز التناسلي.
تحوّلت العملية الروتينية إلى أزمة طبية حادّة بسبب عدوى خطيرة، استدعت سلسلة من التدخلات العاجلة، ونُقلت ياسمين إلى سويسرا لاستكمال رحلة علاج طويلة ومؤلمة، قبل أن تستعيد عافيتها تدريجيًا وتعود إلى جمهورها.
لم تكن الممثلة نادين نسيب نجيم بعيدة عن الكوارث، ففي 4 أغسطس/آب 2020، لحظة انفجار مرفأ بيروت، أصيبت بجروح بالغة في وجهها وجسدها، ونُقلت إلى المستشفى حيث خضعت لجراحة استمرت 6 ساعات.
وثّقت نادين مراحل الإصابة والتعافي عبر حساباتها الشخصية، في خطوة لقيت تفاعلًا واسعًا. لم تكن قصتها مجرّد حالة شخصية، بل شهادة حية على حجم المأساة التي خلفها الانفجار، ومعاناة آلاف اللبنانيين المتضررين.
على الساحة العالمية، شكّلت أخبار الفنانة الكندية سيلين ديون صدمة كبيرة لعشاقها؛ ففي ديسمبر/كانون الأول 2022، أعلنت إصابتها بمتلازمة عصبية نادرة تُعرف بـ"متلازمة الشخص المتيبس"، التي تؤثر في الحركة وتُعقّد القدرة على الغناء.
أجبرها المرض على إلغاء جولاتها الفنية للتفرغ للعلاج، ثم عادت إلى الواجهة في 2024 من خلال الفيلم الوثائقي "I Am: Celine Dion" الذي عرض تفاصيل حياتها اليومية مع المرض، من جلسات العلاج الفيزيائي إلى محاولات تدريب الصوت، كاشفًا عن الوجه الإنساني لنجم عالمي طالما ارتبط بالأمل.
في سبتمبر/أيلول 2017، فاجأت المغنية الأميركية سيلينا غوميز جمهورها بإعلان خضوعها لزراعة كلية، نتيجة مضاعفات مرض الذئبة الذي تعاني منه منذ سنوات.
صورة نشرتها إلى جانب صديقتها التي تبرّعت لها بالكِلية، تحوّلت إلى رمز للصداقة والدعم، بينما واصلت سيلينا مشوارها الفني رغم صعوبة التعايش مع مرض مزمن يتطلب رعاية دائمة.
في يوليو/حزيران 2024، ودّع الجمهور الممثلة الأميركية شانون دوهيرتي، نجمة مسلسل "بيفرلي هيلز 90210"، بعد صراع استمر قرابة تسع سنوات مع سرطان الثدي.
رغم أن المرض عاد إليها في مراحله المتقدمة وانتشر في العظام والدماغ، فإنها واجهته بشجاعة، وحرصت على توثيق مراحل العلاج، من الجراحة إلى العلاج الإشعاعي، لتترك خلفها إرثًا إنسانيًا وفنيًا مؤثرًا.
تجارب هؤلاء النجمات تكشف كيف أن الشهرة لا تحصّن أحدًا من المعاناة. من أنغام إلى شانون، ومن بيروت إلى هوليوود، تتقاطع القصص في رسالة واحدة: خلف كل وجه معروف، هناك إنسان هشّ، يتألم، يقاتل، ويستلهم القوة ليواصل الحياة.
كما تُبرز هذه الحكايات أهمية التوعية، الدعم النفسي، وكسر الصمت تجاه الأمراض المزمنة والخطرة، في مجتمعات ما زالت تنظر للمرض أحيانًا كضعف، لا كحقيقة من حقائق الحياة.