فيديو

20 نوفمبر 2019

قصّة مأساويّة وراء "فيكتوريا سيكريت ".. إمبراطوريّة السّرّ والجسد!

لم يكن يدري روي ريموند ماجستير في إدارة الأعمال في جامعة ستانفورد، أنّ لحظة الأحراج والخجل التي تعرّض لها خلال تسوّقه في أحد المراكز التجارية الأمريكية ستكون لحظة ميلاد امبراطورية فكتورية غيّرت معالم الأنوثة في العالم، وأسهمت في تأسيس العلامة الشّهيرة للملابس "فيكتوريا سيكريت" التي تقدّر بملايير الدولارات ولها آلاف المحال والمصانع التي تنتج سنويًا بلايين القطع التي ترسم بها خطوط والوان الموضة على أجسام نساء العالم.

لقد بدأت قصّة إمبراطورية السّرّ والجسد في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، عندما دخل روي ريموند إلى متجر متعدد الأقسام لشراء ملابس داخلية لزوجته، حيث لم يجد سوى قمصان نوم قبيحة مزيّنة بالأزهار تبدو أكثر بشاعة تحت أضواء الفلورسنت القاسية، كما لم يسلم ريموند من نظرات بائعات المحل اللاتي جعلته يشعر وكأنه رجل منحرف لمجرّد كونه داخل هذا المحل.

لقد أدرك الشّاب الثلاثينىّ أنّه ليس الوحيد الذي يعاني من هذا الأمر فجلّ أصدقائه الرجال يشعرون بنفس الشيء، في نفس اللحظة، فتبادرت إلى ذهنه فكرة عظيمة تتمثّل في تأسيس متجر يريح الرّجل في تسوّقه السّريّ، خلال اقتناء هدايا ومستلزمات النساء من ملابس داخليّة.

ريموند .. وليس فكتوريا.. لأجل الرجل وليس لعيون المرأة

اختمرت فكرة الملابس بألوان طيف حلم ريموند وأصبحت شغله الشاغل، حيث قرّر إعلان المقامرة وسارع إلى الحصول على قرض مصرفيّ بقيمة 40 ألف دولار، واستلف 40 ألف دولار أخرى من أقارب زوجته، وفتح متجرًا صغيرًا في مول "بالو التو بكاليفورنيا"، خصّصه لتسوّق الرّجال فقط ، أطلق عليه اسم "سر فيكتوريا" أو " فيكتوريا سيكريت" اعتمد المحل على تصميم رجاليّ بلمسة كلاسيكية راقية حيث المعروضات قليلة والفضاء فسيح.

تقول نعومي بار رئيسة قسم الأبحاث في مجلة "او" أنّ روي ريموند كانت لديه فكرة بارعة لتأسيس شركة من شأنها أنْ تسهّل عملية اقتناء الملابس الداخلية.

لقد أراد أنْ تكون عملية مثيرة تجعل الرجال يشعرون بالرّاحة وليس بالخجل والاحراج، لقد "تخيل ريموند خدعة فكتورية، مليئة بالخشب الداكن، والسّجّاد الشرقيّ، والأقمشة الحريريّة واختار اسم" فيكتوريا "لاستحضار أجواء الاحترام والرّقي المرتبطان بالعصر الفيكتوري، لقد نجح ريموند في دس أسرار النساء تحت غطاء مخمليّ فيكتوي.

فعلاً لقد نجحت فكرة ريموند وبدأ الغزو وتمكّن من تحصيل أرباح تجاوزت 500 ألف دولار في السّنة الأولى، وأطلق كتالوغ خاصّ وتمكّن من فتح خمسة فروع للشّركة.

ولكن هذا النجاح لم يدم طويلا، وذلك لأنّ المتاجر صمّمت من أجل الرجال، وبدأت النساء تتذمّر من مفهوم هذه المحال  التي اعتبرنها محلات دعارة. وفي هذا الصّدد قال ليزلي ويكسنر ، مؤسّس ورئيس مجلس إدارة اشركة ليميتد براندز (المعروفة الآن باسم إل براندز)، والمالك للعلامة فيما بعد لمجلة نيوزويك في عام 2010:"لقد كان متجرًا صغيرًا، كان يشبه بيت الدعارة الفيكتوري بأرائك مخملية حمراء ملابس داخلية مثيرة ، ملابس لم ارَ مثلها في الولايات المتحدة. "

بعد هذه الحملة أوشكت شركة ريموند الفتية على الإفلاس وهو الأمر الذي دفعه في عام 1982 إلى بيعها الى شركة "الي ليزلي وكسنر " مقابل مليون دولار، مبلغ أرضى غرور ريموند الفقير الذي أراد فقط أنْ يشتري فستانًا مغريًا بعشرة دولارات لزوجته فاصبح مليونيرًا.

ثورة.. سلاحها "لانجري"

عملت شركة وكسنر على استراتيجية خاصّة للتسويق للعلامة التجارية وأدركت أنّ السّرّ يكمن في إعادة مفهوم العلامة إلى أهلها من النساء فالتوجّه إلى المرأة بدل الرجل قد ينقذ العلامة من الإندثار.

تزامنت حملة الشركة الإعلانية للترويج للملابس النساء الداخلية مع ثورة التحرّر الجنسيّة التي شهدتها الولايات المتحدة الأميركية، وذلك عندما سمحت السّلطات الأميركية للنساء العازبات استخدام حبوب منع الحمل. حيث غيرت الحبوب نمط الزواج كله، وشجّعت المرأة على شراء ملابس داخلية مثيرة في متاجر تجزئة كبيرة للمواعدة والتحرّر وممارسة الحبّ بدون الخوف من إنجاب اطفال.

قال المارشال كوهين، المحلّل في مجموعة" أن بي د"، لمجلة نيوزويك إن " شركة ويكسنر نجحت في جعل النساء تظهر ملابسها الداخلية خارج السراويل، لقد جعلته اتجاهًا وموضة؛ جميع النساء كنّ يرغبن في أن يرين الناس ما كانوا يرتدونه تحت الملابس الخارجية باختصار، كانت النساء تشتري، بينما استمرّ الرجال في استعراض الكتالوج. كانت خطّة الشّركة ناجحة .

بحلول عام 1995، بلغت قيمة "فيكتوريا سيكريت" السوقية 1.9 مليار دولار ولديها 670 متجرًا، ويبلغ دخلها الصّافي حوالي 5 مليارات دولار.

ملائكة واجنحة

حافظت شركة وكسنر على نجاح علامة "فيكتوريا سيكريت" وقرّرت التوسع بخطة تسويقية لغزو عالم النساء عن طريق اختيار الوجوه الاعلانية المثيرة من المشاهير وعارضات الأزياء، كما ابتكرت كتالوجات مميّزة وعرض سنويّ، عبارة عن حدث منتظر يترقّبه عالم الموضة والملابس الداخليّة بشكل خاصّ، وتتمنّى عارضات الأزياء في جميع أنحاء العالم الظهور به، وعرفت عارضات "فيكتوريا سكريت" بالملائكة.

وترتدي "ملائكة ممرّ العرض" منتجات الشّركة من ملابس داخلية بأجنحة كبيرة، وتحتوي قائمة الملائكة على 11 عارضة.

تمّ اختيار ملائكة فيكتوريا ضمن أجمل 100 شخصية على إحدى المجلات في عام 2007، وأصبحت أوّل علامة تجارية تحصل على نجمة في شارع المشاهير بهوليوود."بيبول"

انتحر الملك ..

مع نموّ أسطورة فيكتوريا سكرت، بدأت حياة المؤسس الأصليّ، روي ريموند في الانهيار، حيث قام بفتح متجر جديد لملابس والعاب لأطفال، بسان فرانسيسكو. ولكنْ سرعان ما أعلن إفلاسه، ويقول اصدقاؤه لقد اقترض الكثير من المال من والدته.

وكان يحاول إنشاء شركة أخرى، لكنّ الأمور لم تسرْ على ما يرام، وبعد فترة وجيزة من الطلاق من زوجته في عام 1993 ، قفز روي من جسر البوابة الذهبية وانتحر تاركًا وراءه طفلين في سنّ المراهقة..