تربية الطفل

22 ديسمبر 2019

طفلك له خصوصياته.. هل من الصحيح التفتيش فيها؟

أوردت مؤلفة كتاب "نعم، لو سمحت. شكرا" بيني بالمانو جملة من الأمور التي يحتاجها الطفل منذ نعومة أظافره، كان الاهتمام والاحترام من أكثر ما ركزت عليه.

لكن الأمومة لا تتوقف عند حد اهتمام الأم بابنها في أمور حياتية عامة تتعلق بصحته ونومه وطعامه، وطلباته، بل تتعداها إلى البحث في أفكاره والاستماع لأسئلته، والإجابة عنها، سعيا منها في توسيع مداركه.

لذلك قد نجدها مضطرة للتفتيش في ممتلكاته، ومقتنياته، وكتبه المدرسية انطلاقا من معرفة ما يدور في خلده، وما يجول في خاطره، وفهم سلوكه اليومي ومدى صحته.

تفتيش بغرض الاكتشاف



عن هذا الموضوع المهم والخطير، بدأت أخصائية تربية الطفل هديل الجعبري حديثها لـ "فوشيا" بالتركيز على ضرورة تعليم الطفل قول الحقيقة والابتعاد عن الكذب منذ صغره، هذا في حال كانت الأم تربطها علاقة صداقة قوية مع ابنها، بحيث لا يخشى التحدث عن مشكلاته اليومية مهما بلغ حجمها، لكي تساعده في إيجاد الحل.

مشكلة كبيرة ربما تحدث إذا اكتشف هذا الطفل أنها تفتش في أغراضه دون علمه أو دون إذن منه، وقد تصيبه حالة من الغضب، وفقدان الثقة بها، خاصة إذا وجهت له لوما أو عقابا إزاء ما وجدته ضمن مقتنياته أو ما قرأته في دفتره من عبارات تشرح انزعاجه من بعض الأحداث التي يمر بها، وبالتالي فإن اعتقادها بقدرتها على حل مشاكله قد تزيد الطين بلة، فتضطر لتفسير السبب وراء قيامها بذلك، ومن ثم تقديم الاعتذار، فيما يتوقع منه إخفاء كل خصوصياته عنها بعد تلك الحادثة.

ماذا لو وجدت ما لا يعجبها؟



في حال وجدت الأم في أدوات طفلها ما لا يرضيها، حينها يجدر بها سؤاله وبطريقة التفافية عن هذا الشيء تلميحا لا تصريحا، والاستفسار عن ردة فعله فيما إذا وجد هذا الشيء بين أدواته، حينها إن اعترف بوجود مثل هذا الشيء عنده، يتوجب عليها عدم توبيخه وتعزيره، كي لا تكون ردة فعله غير مرضية، خصوصا أنه اعترف بخطئه، كما ترى الجعبري.

ومن جهة أخرى، في حال لاحظت الأم أن طفلها منشغل بالكتابة لوقت طويل، ورأت أنه يحاول إخفاء ما يكتب، خصوصا أن ذلك ليس من ضمن واجباته المدرسية، وحاولت جاهدة معرفة سر انشغاله، وهو لم يستجب لها، أو مثلا يحاول إقفال غرفته وإخفاء بعض الأشياء عنها، وبالتالي شعرت بالقلق إزاء تصرفاته الغريبة، عندئذ يحق لها تفتيش أغراضه ولكن في غيابه، وقراءة ما كان يكتب، واكتشاف ما كان يخفي، لكن ليس بطريقة همجية وعبثية، أو يتخللها أي تعنيف أو إيذاء، بل يجدر بها مع الوقت متابعته عن بعد في محاولة لكشف أي غموض يعيشه.

وينبغي على الطفل تفهم أن التفتيش بأغراضه لا يعني عدم الوثوق به أو الشك بأمره، إنما للاطمئنان على عدم حاجته لأي شيء من مقتنياته أو أدواته المدرسية مثلا، والتأكد من أن أموره تسير على ما يرام ولا مشاكل لديه، مع التأكيد له بأن خصوصياته من حريته الشخصية ولا يحق لأحد التطفل عليها تحت أي ظرف، حسبما توصي الجعبري.

تبقى خصوصياته

مقابل ذلك، ولأن اسمها "خصوصيات" أي لا شأن لأحد بها، ركزت الجعبري على ضرورة حرص الأبوين الحفاظ على خصوصيات طفلهما وحماية مقتنياته وأدواته من الضياع والعبث من خلال تخصيص خزانة لها مفتاحها الخاص، على أن يكون المفتاح بحوزة الطفل فقط، إلى جانب عدم السماح لأي كان التدخل فيها.

وما انتهت إليه الجعبري هو تذكير الأهل دائما بأن طفلهما كتلة من المشاعر يتوجب التعامل معه بحذر، وإعادة التفكير بتصرفاتهما وعدم التحكم به كما يريدان، والابتعاد قدر الإمكان عن عتابه وتعنيفه، والأجدى منحه مساحة كافية لإدراك خطئه بنفسه.