جاءت جائحة كورونا لتربك كثيرا من جوانب الحياة الشخصية والعملية على حد سواء، بسبب ظروف التدابير الاحترازية، التي صار ضروريا على الجميع الالتزام بها.
وفي حين ما زالت كثير من أماكن العمل تمنح موظفيها فترة توقف في منتصف النهار لتناول وجبة غداء سريعة والحصول على قسط من الراحة بهدف تعزيز الإنتاجية، فقد بدأت تظهر أصوات تطالب في نفس الوقت بضرورة تغيير ثقافة تناول الطعام على طاولة المكتب في أماكن العمل لتفادي بعض التأثيرات النفسية والجسدية.
وأشار باحثون بهذا الخصوص إلى أن فوائد تناول الطعام بعيدا عن طاولة المكتب تمتد لما هو أبعد من فكرة الحصول على قسط من الراحة، فما نتناوله وطريقة تناولنا له يحظيان بتأثيرات نفسية وغذائية، خصوصا في تلك الظروف غير المسبوقة.
بالنسبة لمن تباشر عملها من المنزل الآن، فعادةً ما يكون لديها مكان مخصص للعمل شبيه بالمكتب، سواء كان ذلك طاولة طعام، سريرا، أريكة أو مكتبا فعليا. وقال هنا عالم النفس السريري، سام فون رايش، إنه لم يعرف من الأشخاص الذين يعملون في المنزل أنهم أكثر ميلا لتناول الطعام على المكتب، وأن ما وصله منهم من معلومات هو أنهم يستغلون فكرة تواجدهم بالمنزل ويعدون ما يودون تناوله في المطبخ.
وتابع فون رايش بقوله إن القرب من المطبخ يؤدي لذلك المفهوم الذي يعرف بـ "الأكل بلا وعي"، وهو المفهوم الذي يتعين علينا جميعا أن نجربه لكي نتجنبه، لأنه ينطوي على فكرة الأكل بشكل أسرع دون الانتباه لفكرة شعورنا بالشبع من الأساس.
والإشكالية الأخرى هي أن الناس في مرحلة ما بعد كورونا باتوا يضطرون لتخزين مزيد من الأطعمة في المنزل وشراء الأطعمة بكميات، وهو ما يعني أن الكميات المتوافرة لدينا تكون أكبر من المعتاد أو مما كان في السابق، وهو ما يجب الانتباه إليه.
وعلقت على ذلك أيضا بروك شيلر، وهي طبيبة تغذية علاجية وأخصائية تغذية معتمدة، بقولها: "سهولة الوصول إلى خيارات أكثر من الأطعمة يمكن أن يُتَرجَم أيضا إلى استهلاك قدر أكبر من السعرات الحرارية، فمع جلوسنا في نفس المكان، ربما يتزايد مقدار ما نتناوله من أطعمة، لأننا نكون قريبين في تلك الحالة من المطبخ".
قد يسهل عليك الجلوس إلى المكتب ومتابعة أعمالك وإيميلاتك أثناء تناولك وجبة الغداء، لكنك بابتعادك عن المكتب وأخذك بعض الوقت لالتقاط الأنفاس، ستمنحين نفسك الفرصة لتحسين إنتاجيتك فيما بعد، ويمكنك تخصيص مدة من نصف ساعة إلى ساعة كي تستريحي فيها بعيدا عن مهام العمل والانكباب الزائد على المتابعة. ناهيك عن ضرورة استغلال فترة الراحة هذه في التواصل مع باقي الموظفين، لما لذلك من تأثير نفسي غاية في الأهمية، خاصة مع تبدل آليات التواصل بسبب جائحة كورونا.
- تخصيص فترة استراحة لوقت الغذاء، سواء كانت 30 دقيقة أو ساعة.
- تغيير المكان الذي تتواجدين فيه، كتغيير المنطقة التي تجلسين فيها على سبيل المثال.
- التأكد من تناول الطعام في أجواء مختلفة عن أجواء مكان العمل.
- مقاومة الميل لفتح الثلاجة وأخذ طعام منها لتناوله بشكل سريع.
- التعامل مع الأكل وكأنك ستغادرين المنزل وستتوجهين لمكان العمل، حيث ينصح بتغليف الوجبات، كما كنت تفعلين وقت ذهابك للعمل، وأن تقرري ما الذي ستتناولينه في الغذاء وما المشروب الذي ستتناولينه في استراحة القهوة، كما كان من قبل.
نعم، هناك فائدة كبيرة من وراء ذلك، وهي المساعدة في تعزيز إنتاجية الموظفين بشكل كبير. والحقيقة أنه لا جدوى من وراء التركيز على الإنتاجية دون الاهتمام براحة الموظفين، وهو المفهوم الذي يجب إرساؤه في شتى الدول دعما وتعزيزا للإنتاجية.