لا يكاد لبنان يستعيد أنفاس توازنه من جديد حتى تطبق على صدره نازلة ومحنة جديدة تعيد تضييق الخناق عليه، الأمر الذي اعتاد عليه اللبنانيون عامة والفنانون بشكل خاص.
هذه المحن دفعت بالفنانين للغناء من أجل الصمود تارة ومن أجل السلام أخرى، وهي في المجمل العام لا تميل نحو المطالبة بكره لبنان أو تركه، فقد تباينت شكل الأغنية اللبنانية ومواقف أصحابها بين ماضي لبنان وحاضره، ففي الحرب الأهلية وأثناء تعرض منزلها للقصف، وأضرارها لتركه والعيش في ويلات حرب وصراع، غنّت فيروز بحبك يا لبنان، وسلاما لبيروت وغيرها من أغاني الولاء والمحبة لبلدها لبنان.
وصيفتها جوليا بطرس، التي عاشت الحرب ذاتها آثرت البقاء أيضا في لبنان رغم أجوائه المشحونة بالحرب، وغنت "قولولن رح نبقى".
كما لم تحجب آثار الدمار على الأرض، عن عيني وديع الصافي رؤية لبنان وتصويره على أنه قطعة سماء، مجسداً ذلك في أغنية هو الآخر.
زكي ناصيف هو الآخر واصل الترنيم، رغم ضجيج المدافع، بل وزاد صوته ارتفاعا عليها، حين غنى “راجع يتعمر”، وعلى ذات المراهنة، بعودة لبنان للحياة، غنت صبوحة تعلى وتتعمر يادار.
بالمقابل نجد مواقف فناني لبنان اليوم مختلفة، وخاصة بعد انفجار مرفأ بيروت، الذي دمر نصف بيروت وشرد مئات الآلاف فيها.
مي حريري لم تنتظر طويلا ليخمد حريق بيروت، فسارعت بالمغادرة إلى لندن في محاولة منها للخلاص من لبنان وويلاته، بينما لوحت نادين نجيم بنيتها ترك لبنان بعد الحادثة عبر تغريدة على حسابها في تويتر كتبت فيها: "من هل اللحظة من المشفى اخدت قرار: رح اترك البلد و عيش بأمان ببلد تاني بيحترم شعبه احسن ما ضل ببلد حاكمينه زعران وموت. بس تنقبروا انتوا تحت التراب نحنا منرجع على وطننا غير هيك ما الو لزوم الحكي وشكرا".
ما دفع البعض إلى مهاجمتها واتهامها بالتخلي عن وطنها عند أول امتحان، فنانون آخرون حاولوا تسجيل موقف بطولي بعد الانفجار، بتصوير خسائرهم المادية ومنازلهم، وما دون ذلك في غياب تام.