اليوم، ومع كل سلعةٍ نقوم بشرائها يرافقها كتيّب إرشادات يوضّح لنا كيفية التعامل معها والعناية بها سواءً أكانت جهازًا إلكترونيًا أو قطعة ملابس، على عكس المولود الذي يأتي دون تلك الإرشادات.
فتظهر فجأةً في حياة الزوجين حياةٌ أخرى لإنسانٍ صغير يعتمد كليًا عليهما في توفير الحب والغذاء والصحة والتعليم والمسكن، ويصبح مسؤوليةً ثقيلة ملقاةً على عاتقهما، ذلك أنَّ العناية به وتربيته على نحو سليم هي مسألة في غاية الصعوبة وتحتاج إلى جهد وصبر مضنييْن.
جملةٌ من الأمور التي يحتاجها الطفل منذ نعومة أظافره، أوردتها مؤلفة كتاب "نعم، لو سمحت. شكرًا" بيني بالمانو، ومنها على أقل تقدير:
الاهتمام
ينبغي إعطاء الطفل جرعاتٌ كافية وإيجابية من الاهتمام دون زيادة أو نقصان، خصوصًا تجاه تصرفاته الإيجابية، كي لا يضطر إلى إساءة التصرف بغرض لفت الانتباه والحصول على ذلك الاهتمام.
إذْ يُمكن أن يعمل على تكسير إحدى ألعابه أو إتلاف إحدى مقتنيات المنزل حتى يلتفت إليه أحد أبويْه مثلًا.
الاحترام
ينبغي تعزيز مبدأ احترام الذات لدى الطفل قبل الانتقال إلى تعليمه احترام الأبويْن واحترام الآخرين، إذْ ينعكس احترام الطفل لأبويْه من خلال الطريقة التي يعاملانه بها.
ومن الأمثلة التي طرحتها المؤلفة، تعويد الأبويْن الطفلَ على طرق باب غرفته قبل فتحه والدخول، الأمر الذي سيشعره مع الوقت بأنهما يحترمان خصوصياته.
أيضًا ينبغي تعليمه احترام الناس والأصدقاء بغض النظر عن عمرهم وجنسهم ولونهم وحالتهم الصحية، وكذلك الرفق بالحيوان وعدم الاعتداء عليه، وعدم التعدي على الممتلكات العامة والخاصة كالعبث بنباتات الجيران، أو رمي النفايات في الشارع، أو إتلاف مرافق المدرسة.
التواصل مع الآخرين
إن تحدُّث الأبويْن مع وأمام ابنهما يعزز لديه روح التواصل، وأفضل مكانٍ لهذه الأحاديث هو مائدة الطعام أو السرير مع قصص ما قبل النوم، أو الجلوس معه، وتبادل النّكات والقصص المضحكة وتدريبه على التفكير من خلال طرح بعض الفوازير والألغاز عليه ليجد لها حلًا.
القدوة
يتعلّم الطفل من خلال مشاهدة السلوك الذي يقوم به أبواه ومن ثم يعمل على تقليدهما، ولا يتعلّم في أغلب الأحيان مما يأمرانه بفعله؛ فعندما يقوم الأب مثلاً بالتكلم مع أحد أصدقائه على الهاتف يجب مراعاة عدم استخدام الألفاظ النابية أمام طفله، لأنَّ الطفل من أفضل المقلّدين لتصرفات وكلام أبويْه.
الروتين
لا شكَّ أنَّ الطفل بشكلٍ عام، مخلوق يعشق الاعتياد على أمور معينة، وهذا أمرٌ جيد بالنسبة لكونه "عجينة ليّنة" يمكن تشكيلها، إذْ يجب استغلال هذه الخاصية فيه من أجل غرس العادات الجميلة، وتجنُّب العادات القبيحة فيه، بحيث يمكن تعويده على أخذ القيلولة بعد الغداء في وقتٍ محددٍ كل يوم، بعدها ستجد الأم أنّه يذهب لأخذ تلك القيلولة وحده كل يوم وفي نفس الموعد.
وما انتهت إليه بالمانو أنَّ مسؤولية الآباء والأمهات اليوم لا تكمُن في توفير الاحتياجات الأساسية لأبنائهم من مأكلٍ ومشرب وملبس فحسب، بل في تعليمهم وتهذيبهم وغرس السلوكيات الجيدة والمهارات الاجتماعية فيهم، ليتطوروا ويندمجوا في مجتمعاتهم كأشخاص فاعلين ومؤثّرين.