الطفل المنصاع للأوامر.. هل يصبح تابعًا لغيره؟
الطفل المنصاع للأوامر.. هل يصبح تابعًا لغيره؟الطفل المنصاع للأوامر.. هل يصبح تابعًا لغيره؟

الطفل المنصاع للأوامر.. هل يصبح تابعًا لغيره؟

غالبًا ما يواجه الأشخاص الذين كانوا مطيعين جدًا للأوامر في طفولتهم صعوبةً في تحقيق ما يصبون إليه في وقتٍ لاحقٍ في الحياة.

ولأنَّ تحرر الطاقة النفسية للإنسان تبدأ في سن السادسة تقريبًا، فإنَّ أيَّ تشوهٍ ربما يحصل في مراحل تكوين شخصيته، سيتوجب عليه محاولة استرجاع ترك المراحل ومعالجة الخلل فيها، وهذه عملية معقدة ربما تستغرق وقتاً طويلاً حسبما يقول عالم النفس سجموند فرويد.

أخصائية تربية الطفل هديل الجعبري، ترى أنَّ التربية الصحيحة للطفل لا تتوقف عند إطاعته أوامر أبويْه أو الأكبر منه بشكل عام، وأنَّه إن لم يفعل، يُتّهم بالعناد والتمرد وقلة الأدب، بل العكس تمامًا؛ فالطفل الذي يفعل ما يراه مناسبًا حسب رؤيته وقناعاته يكون طبيعيًا طالما لم يخرج عن السلوك الصحيح، ويلتزم بالقواعد والتعليمات البيتية.

فإن اختار ملابسه بمفرده وانتقى طعامه، ولعب باللعبة التي يهواها، ويقول: "لا" في الوقت الذي عليه أن يُبدي رأيه بأمرٍ يتعلق به وضمن المستوى المقبول من الأدب فهذا طفلٌ طبيعي، وهذه التربية التي يجب أن ينشأ عليها.

ومن الصحي أيضًا، وفق الجعبري، ترك مساحةٍ للطفل تمنحه حرية إبداء الرأي، لبناءِ الثقة بنفسه والاعتماد على ذاته في حل مشكلاته، من خلال إعطائه فرصة للتفكير في حلها، بدلاً من تقديم الإملاءات والأوامر وفرض إطاعتها دونما أي رفض.

نتائج سلبية على شخصيته

من وجهة نظر الجعبري، سيصبح هذا الطفل المطيع مع الوقت تابعًا لغيره، وينتظر من يتخذ القرارات المتعلقة به بدلاً عنه، دون إدراك هؤلاء أنّهم يوقعونه في خطر مُحقَّق، ستبدأ ملامحه بالبروز عندما يكبر، ويعجز عن إيجادِ الحلول التي تريحه، وربما يجدُ نفسه مُخطئًا في قراراته لاعتقاده بصواب آراء الآخرين، ومعرفتهم بمصلحته أكثر منه.

وبالتالي فإنَّ برمجته على وجود من يتدبّر أموره من غير التفكير فيها، وعدم تدريبه على مهارة حل المشكلات واتخاذ القرار السليم وحده، أمرٌ سيئ للغاية على المدى البعيد.

تركه وشأنه

الجعبري دعت إلى وجوب تقبُّل الآباء لطفلهم كما هو، والتوقف عن برمجة عقله وتحويله إلى مجرد روبوت يطيع الأوامر في محاولة منه لتحقيق أحلام ورغبات مفقودة فيه.

بالمقابل، عدم السماح له برفض ما يجب الموافقة عليه، خصوصًا فيما يتعلق بالإرشادات والتعليمات التي تحقق مصلحته الشخصية، كالانضباط في موعد نومه للاستيقاظ باكرًا دون عناء للذهاب إلى المدرسة، والالتزام بتناول وجبات الطعام الثلاث حرصًا على صحته، والقواعد البيتية الأخرى.

والأهم، التوقف عن توبيخه أو إطلاق الألقاب المجحفة بحقه، إلى جانب عدم إطلاق أي لقب يُسيء له، وأن لا تكون الطلبات على هيئة أوامر، إنما بأسلوب هادئ، يتيح له الاختيار بين الأمور المعروضة أمامه، ليشعر بكيانه وأهمية استشارته.

وحذّرت من تقييده بأي معتقداتٍ بذريعة حمايته من مخاطر الكون، ذلك أن حمايته لا تكمن في منعه أو إجباره على فعل شيء بعينه، بل من خلال تعليمه وتدريبه على تحكيم العقل والمنطق في التعامل مع المواقف واتخاذ القرارات بشكل مستقل كي يكون قادرًا على خلق حياة سعيدة ومرضية لنفسه في المستقبل.

Related Stories

No stories found.
logo
فوشيا
www.foochia.com