تسعى كلُّ أُم بأن يكون طفلها ذكيًا ومتفوقًا ومبدعًا ولا يقترف الأخطاء، وبذات الوقت تتناسى أن لكل طفل شخصية أو سلوكيات تميُّزه عن غيره، ومن هنا، تبدأ المقارنات مع أقرانه، سواءً بالتحصيل الدراسي، الاهتمامات، المواهب، مما يؤثّر على صحة الطفل وثقته بنفسه.
عزيزتي الأُم.. تُوضّح لك الاختصاصية التربوية الدكتورة أمل بورشك أضرار مقارنة طفلك بالآخرين.
تقولُ الاختصاصية بورشك، مقارنةُ الأم طفلها بالآخرين له محاذيره، ولأسباب متعدّدة، فهل فعلًا تَعي الأم ما تطلبه من طفلها؟ وهل فعلًا ظروف المقارنين وقدراتهم واحدة ومتشابهة؟ وهل هي قدّمت كل ما عليها تقديمه؟ وإذا تتبّعت الأم طريقة تعاملها مع الطفل الأول ثم الثاني أو من يليه، هل هي بقيت على ما هي عليه سابقًا؟
الجواب المُؤكّد لا، فكلنا عرضة للتغيير لعدة أسباب منها:
لكلِّ طفل نمط تعلم يتميّز به كبصمة إصبعه، ولا يجوز مقارنته بأيّ أحد كأن يكون سريع الحفظ، أو بطيئًا، أو يحب الفن ويميل إلى الرياضيات وله قدرته الخاصة.
التغيُّر يحدث من حولنا، والجميع محاط بظروف متغيرة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا تؤثر على تعلم الطفل.
والتعلُّم تراكمي مبني على الخبرات التي تُقدَّم للطفل لتعديل سلوكه، وتأثره بالعوامل التالية كالاستعداد الوراثي والتغيرات الفسيولوجية مثل النمو والمرض والحوادث والبيئة الاجتماعية مثل الأسرة والأصدقاء والمدرسة والإعلام ومدى استخدامه لشبكة الإنترنت، هذه العوامل تتفاعل فيما بينها، فعملية التعلم وتعديل السلوك معقدة جدًا، وذات علاقة بالبرامج التعليمية المُقدّمة للطفل.
كما تُؤكّد النظريات التربوية المُتعدّدة بأن هناك فروقًا فردية بين الطلبة، ولابد من تنويع استراتيجيات وطرق التدريس بما يتلاءم ونمط التعلم وقدرات الأطفال ورغباتهم وتقديم نشاطات لامنهجية تعمل على استثارة رغبات الأطفال نحو التعلم ولا بد أن تكون مُعزّزة بالبرامج الإثرائية المتنوعة كالرحلات والمسابقات والإنجاز بالمشاريع الجماعية التعاونية بالفصل.
إنّ الاستماع الجيد للطفل مع إعداد البيئة المناسبة لنمط تعلمه والتواصل مع المدرسين وتوظيف التعزيز الإيجابي أفضل من استخدام المقارنة بالآخرين.
وبناءً على ما سبق لا يكفي أن نُقارن طفلًا بآخر، بغية تحسين سلوكه ورفع أداءه الدراسي ومهاراته الحياتية القادمة، حيث تُؤكّد التجارب التربوية الأثر السيىء للمقارنة بالآخرين لدى الأطفال، لأنها تُسبّب حالة نفسية غير مريحة لدى الطفل و تقوده إلى الشعور بالحقد والكراهية، حتى بمشاعره تجاه والدته لأنه غير قادر أن يكون كما تريد هي، فيشعر بأنها لا تحبه وتعايره بالآخرين.
كما يزداد حقده على الطفل الآخر، فيعمل على التخطيط للنيل منه فيسير في طريق العدوانية والمشاغبة لإثارة انتباه الآخرين إليه، وقد يُغير في نقل الحقائق، ومن هنا تهتز ثقته بنفسه ويشعر بالإحباط العام الناتج عن عدم تقبل قدراته الفعلية.
كذلك قد يُسبب له الانزواء عن الآخرين، والابتعاد عن التواصل البنّاء والحوار معهم واللجوء للصمت والتفكير العميق وتبني الكراهية لكل من حوله، فتتشكّل فجوة نفسية لديه تُسبب له ضغطًا نفسيًا وتؤرقه وقد تقوده إلى تبني وجهات نظر غير سليمة للتخلص من هذا الضغط.
على الأم أن تُوثّق علاقتها مع ابنها بالحب والاستماع لأحاديثه وتبادل الثقة، وتشخيص قدرات طفلها مع الاختصاصيين والمدرسة وطرق الاتصال البنّاءة لمساعدته.
كذلك على الأم تقييم طريقة تعاملها مع أطفال تُعدّهم للألفية الثالثة والابتعاد عن التمسك ببعض الطرق التقليدية كالمقارنة بالآخرين لأنه كأسلوب غير مجدٍ لتعديل سلوك الطفل فهو يدل على تراجع في فكر مستخدمه وعجز عن تَفهُّم قدرات من حوله.