لو أن الناس تعرف فعلا ما تمتلكه أجهزتهم العصبية وأدمغتهم من آليات عمل فطرية مبرمجة لتخفيف الألم وتعظيم البهجة، لكان العالم بالتأكيد، أقل توترا وأدعى للراحة.
على هذه النظرية السيكولوجية، تعمل الآن الكثير من المراكز والمؤسسات التطوعية التي تستهدف التوعية الصحية بآليات عمل جسم الإنسان، وتبيان كيف أن بامكان كلّ منا تحييد القلق والإجهاد والكآبة ولو بنسبة تمنحه من المتعة اللحظية، ما يحميه من الأسوأ المؤكد.
مثالا على ذلك، كما يقول تقرير لموقع "فري ول مايند" (العقل المتعافي)، هي آلية عمل الإندورفين الذي يصفه العلماء بأنه المخزن المجاني في أجسامنا للراحة والسعادة، ولا يحتاج منا إلا استدعاءه والاتكاء عليه ليقّلل من الألم ويُعظّم الرضا والمتعة المجانية.
يُشخّص التقرير الإندورفين بأنه مواد كيميائية يفرزها دماغكِ فتساعد على الشعور بالسعادة والتعامل مع الألم والحفاظ على صحتك. وهو الهرمون الذي يفرزه الجسم بعد التمرين، أو بعد تناول قطعة من الشوكولاتة الداكنة، أو الضحك وقضاء وقت جيد مع صديقة.
هو مجموعة من الناقلات العصبية التي تنتجها الغدة النخامية والجهاز العصبي المركزي وتعمل في الدماغ لزيادة الشعور بالسعادة والرفاهية وتقليل الألم وعدم الراحة.
حدثٌ معين، مثل تناول طعام معين أو ممارسة الرياضة أو معايشة اللحظات الحميمة يمكن أن يؤدي إلى زيادة إفراز الإندورفين، كما يمكن أن يحدث ذلك لدى مواجهة موقف مرهق أو تجربة شيء مؤلم جسديا. على سبيل المثال، إذا كنت تقومين بالركض في مكان بعيد ولويت كاحلك، سيكون هناك زيادة في إفراز الإندورفين الذي سيساعدك على الوصول إلى بر الأمان على الرغم من إصابتك.
وبتعبير آخر، يمكن القول إن الإندورفين هو الطريقة الطبيعية لمساعدتنا على تجنب الشعور بالألم والإحساس بمشاعر المتعة، وبدونه، سيبدو العالم أقل بهجة وأكثر ألما.
وقد حدد الباحثون 20 نوعا من هذا الهرمون، لكن الإندورفين بيتا هو الأكثر شيوعا، حيث يساهم في الشعور بالسعادة والراحة وتخفيف الآلام، وينتج تأثيرات مشابهة لتأثير عقار المورفين.
للإندورفين العديد من الآثار الإيجابية. تشمل ما يلي:
· التقليل من الاكتئاب والقلق
· تحسين احترام الذات
· تنظيم أو تعديل الشهية
· تحسين الاستجابة المناعية
· انخفاض الشعور بالألم
وقد يكون التمرين لمدة 45 دقيقة بكثافة معتدلة ثلاث مرات في الأسبوع هو الخيار الأول والأفضل لأولئك الذين يعانون من اكتئاب خفيف.
من ناحية أخرى، إذا كانت مستويات الإندورفين لديك منخفضة جدا، فقد تواجهين بعضا من هذه المشاكل:
· زيادة الاكتئاب
· زيادة القلق
· المزيد من تقلبات المزاج
· زيادة الأوجاع والآلام
· مشاكل الإدمان
· مشاكل في النوم
· التصرف بتهور
كما أن الإجهاد، بالإضافة إلى أن المعاناة من سوء المعاملة في مرحلة الطفولة أو المراهقة، يمكن أن يضعف قدرتك على إنتاج الإندورفين.
في حين أن الإندورفين نواقل عصبية تساعدك على التعامل مع الألم والتوتر، فإن الدوبامين هو ناقل عصبي يعزز المزاج والتحفيز ويشارك في دائرة المكافأة في دماغك.
يمكن أن تؤدي المستويات العالية من الإندورفين إلى زيادة إنتاج الدوبامين. فهما متصلان في النظام الذي يعزز العمل من أجل المكافآت والمشاعر الجيدة التي تنتج عن زيادة إفرازهما.
وبذلك يمكننا القول إن الإندورفين هو المشاعر اللحظية والدوبامين هو مكافأة نهاية العمل.
يمكنك تعزيز الإندورفين بطرق أخرى غير ما ورد سابقا. وهناك بعض الأنشطة البسيطة المدعومة بالبحث التي يمكن لك تجربتها:
· تناولي الشوكولاتة الداكنة
· تمرني باعتدال لمدة 45 دقيقة على الأقل، ثلاث مرات في الأسبوع
· اللقاءات الزوجية الحميمة
· العزف على آلة موسيقية، أو الاستماع إلى الموسيقى
· الاستمتاع بالفن، أو ممارسته
· الرقص
· الخضوع لجلسة وخز بالإبر
· الضحك
· تناول الطعام ذو التوابل الحارة
· المساج
· الجلوس في الساونا
· العلاج بالروائح العطرية
· مشاهدة مسلسل تلفزيوني فكاهي
· التأمل
· القيام بعمل تطوعي
· قضاء الوقت مع الأصدقاء
ممارسة بعض ما سبق يكفي للوصول لمستويات الإندورفين الطبيعي؛ وأنت لست بحاجة إلى كميات متزايدة من الأنشطة لتحقيق مستوى جيد من الرفاهية، لكن بعض الناس يتوقون إلى اندفاع الاندورفين لدرجة أنهم يبحثون عن طرق غير صحية لتحقيق ذلك. مثل ممارسة الرياضة لساعات طويلة، وتناول الكثير من الشوكولاتة، وقضاء الكثير من الوقت في التواصل الاجتماعي.
ويخلص التقرير إلى أن أجسامنا وأدمغتنا تحوي آليات عمل مفطورة على التوازن والتحفيز، المهم أن نعرفها وأن نمتلك إرادة توظيفها. في موضوع الأندروفين كوني على ثقة بأن اتباع الاقتراحات السابقة يعمل على تحسين مستويات الإندورفين، ويكفل لكِ بالتالي تعزيز الرفاهية وتحمل الألم. مع معرفة أن مستويات الإندورفين والاستجابة له تختلف من شخص لآخر.