حين يتعلق الأمر بمشاهدة أفلام الرعب، نجد أن الناس ينقسمون ويختلفون فيما بينهم، فهناك من يحبون مشاهدتها وهناك من يكرهونها، وقد اتضح أن سبب حبنا أو كرهنا لتلك النوعية من الأفلام هو سبب علمي بحت، وأنه يرتبط بعاملي الطبيعة والتنشئة.
وبهذا الصدد، قال الباحثون إن مشاعر الخوف التي تتملكك سواء أكان هناك أسدٌ يطاردك في الحقيقة أو عند مشاهدتك وحشًا يطارد بطل أحد الأفلام السينمائية، تأتي من منطقة واحدة بالدماغ تعرف باسم "اللوزة الدماغية"، وهي منطقة معروف أنها مسؤولة عن معالجة المشاعر والعواطف والأهم أنها تسبب رد الفعل سواء بالمواجهة أو بالهرب.
وهو ما يحدث حين يفرز الجسم بعض المواد الكيميائية التي من بينها الأدرينالين، الكورتيزول والإيبينيفرين، وهي المواد التي تزيد معدل نبض القلب وترفع ضغط الدم وتسحب النفس.
واتضح أنه لبعض الأسباب يكون هناك ميلٌ لدى بعض الناس لأن يتعاملوا بأريحية وهدوء مع القلق والخوف، ويصلوا أسرع من غيرهم لحالة الهدوء.
ونتيجة لذلك فقد يكونون بحاجة أكبر للبحث عن تجارب حادة للحصول على التأثير نفسه، ولهذا يميلون لأن يكونوا أكثر انفتاحًا لخوض تجارب من شأنها أن تساعدهم في الوصول لتلك الحالة، كقيامهم بالقفز بالمظلات أو تناول نوعية أطعمة حارة.
وذلك هو الجزء المتعلق بـ"الطبيعة" في تلك المعادلة، أما فيما يتعلق بالجزء المتعلق بعامل "التنشئة"، فإن هناك اختلافات على سبيل المثال بين الرجال والسيدات حين يتعلق الأمر بمشاعر الخوف، وهي ليست بالضرورة اختلافات بيولوجية؛ فالدارسات تشير إلى أن الرجال يستمتعون بأفلام الرعب أكثر من السيدات، وهو ما يعزو إلى أن الرجال تربوا اجتماعيًا على عدم الخوف وإظهار القوة.
وعلَّقت على ذلك جوان كانتور، الأستاذة بجامعة ويسكونسن في ماديسون، بقولها: "يحب الرجال غالبًا مشاهدة أفلام الرعب؛ لأنّ النساء يسعين على الأرجح للتقارب الجسدي حين يتملكهن الخوف، بينما يميل الرجال لإظهار شجاعتهم وقوتهم".
كما نوه الباحثون إلى أن التجارب التي يمر بها الأشخاص في مرحلة طفولتهم قد تؤثر بشدة أيضًا على طريقة التعامل مع أجواء الرعب؛ إذ يمكن للصدمة التي تنجم عن أشياء من بينها الإهمال، الفقر والإدمان أن تؤثر على منطقة اللوزة الدماغية، ومن ثم وضعها في حالة "النجاة"، التي تجعلها أكثر حساسية مع مرور الوقت.
وعلى النقيض، ثبت أيضًا أن التجارب الإيجابية التي يتعرض لها الأشخاص في طفولتهم مع حالة الذعر والخوف تُدَرِّب أدمغتهم على ربط شعور المتعة والمرح بالخوف.
كما ثبت أن تجربة الخوف يمكن أن تؤثر أيضًا عقب مشاهدة أحد أفلام الرعب مباشرة، فالجسم يبقى في حالة من الإثارة بعد ذلك، وهي الحالة التي تؤجج المشاعر، وبالتالي يتغير مسار المشاعر إما بالسلب أو بالإيجاب على حسب نوع التجربة.
وقال الباحثون إن بمقدور الشخص أن يتحول من شخص كاره لأفلام الرعب لشخص يحبها ويميل لمشاهدتها إذا تعرض للأشياء المخيفة بصورة مخطط لها سلفًا، موضحين أنه إذا كان بمقدورك تحمل 90 دقيقة من الخوف، فستشعر بأنك أكثر مرونة، وهو ما قد يجعلك في الواقع أكثر مرونة؛ أي أنك ستكون أقل خوفًا المرة القادمة.
وطالب الباحثون الأبوين بضرورة إبعاد أطفالهما دون سن الـ7 أعوام عن مشاهدة أفلام الرعب؛ لأنه يصعب عليهم في تلك السن التمييز بين التهديدات الحقيقية والتخمينات. وأشاروا كذلك إلى أنها قد لا تكون مناسبة للأطفال والبالغين حين تبدو التهديدات الواردة في الفيلم واقعية بشكل واضح، ولهذا يجب الانتباه لذلك الخطر وعدم إغفاله.