أعلنت قناة "ناشيونال جيوغرافيك" بالتعاون مع الهيئة الملكية لمحافظة العُلا عن عرض فيلم وثائقي جديد بعنوان "كنوز الجزيرة العربية المنسية: مملكة الأنباط"، يُعرض لأول مرة عالميًا مساء الثلاثاء 27 أغسطس/آب على القناة.
وبعد ذلك يُبث باللغة العربية عبر "ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي" في اليوم التالي، فيما يتاح للمشاهدة على منصة "ديزني بلس" ابتداءً من 29 أغسطس/آب.
يمثل الفيلم العمل الثاني ضمن شراكة تمتد لثلاث سنوات بين القناة والهيئة، إذ جاء بعد النجاح الذي حققه الفيلم السابق عن مملكة دادان.
وفي هذا الجزء الجديد، يُسلط الضوء على مملكة الأنباط التي ازدهرت في شمال غرب الجزيرة العربية خلال عهد الملك الحارث الرابع، مشيرًا إلى دورهم المحوري في تحويل منطقتهم إلى مركز استراتيجي على طرق التجارة القديمة.
يعتمد الوثائقي على مزيج من المشاهد التمثيلية، واللقطات الميدانية، إلى جانب مقابلات مع علماء آثار سعوديين ودوليين، حيث يتم التطرق إلى الأبحاث والتنقيبات الجارية في مدينة الحِجر، التي تُعد أول موقع سعودي تم إدراجه على قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو.
كما يتضمن الفيلم آراء خبراء من الهيئة الملكية لمحافظة العُلا ممن ساهموا في كشف أسرار هذه الحضارة الغامضة.
يركّز الفيلم على الابتكارات الهندسية المتقدمة التي اشتهر بها الأنباط، خاصة في مجال إدارة المياه.
فقد أنشأوا شبكة معقدة من السدود، والصهاريج، والقنوات لجمع مياه الأمطار وتخزينها، مما ساعدهم في بناء مدن مزدهرة في بيئة صحراوية قاسية.
من أبرز ما يقدّمه الفيلم هو تسليط الضوء على مشروع "إعادة بناء وجه هنّات"، وهو جهد علمي قام على إعادة تشكيل وجه امرأة نبطية ثرية عاشت قبل نحو ألفي عام، استنادًا إلى الأدلة الأثرية المكتشفة.
ويعكس المشروع مكانة المرأة النبطية، التي كان لها دور ملحوظ في المجتمع، من حيث التملك، وإدارة شؤون الأسرة، والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة.
يختتم الوثائقي بتقديم رؤى تاريخية متعددة حول أسباب أفول مملكة الأنباط؛ وتتراوح الفرضيات بين من يُرجع السبب إلى تراجع طريق البخور وتزايد الاعتماد على الطرق البحرية، وبين من يربطها بالتوترات بين الإمبراطورية الرومانية والفارسية، والتي أدت إلى اضطراب المنطقة وعودة نمط الحياة البدوي.
ووفقًا لما أوضحه الدكتور ضيف الله الطلحي، أستاذ علم الآثار الفخري في جامعة حائل، فإن قلة الوثائق المكتوبة تظل من أبرز التحديات التي تُبقي مصير المملكة غامضًا.
تواصل الفرق الأثرية في العُلا أعمالها التنقيبية لفهم أعماق حضارة الأنباط، في مسعى لربط الماضي بالحاضر، وفهم الدور الذي لعبته هذه المملكة القديمة في تشكيل الهوية الثقافية للجزيرة العربية.