شكّل صدور القانون رقم 18.23 المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي منعطفًا مهمًا طال انتظاره في مسار الفن السابع داخل المملكة المغربية.
وفي حديث لموقع "فوشيا"، قدّم عدد من أبرز الفاعلين في الوسط السينمائي المغربي قراءاتهم للقانون الذي يُنظر إليه كإطار إصلاحي شامل قد يعيد رسم ملامح السينما الوطنية، وسط آمال كبيرة في التحديث ومخاوف من صعوبات التنفيذ.
المنتج والمخرج الحسين حنين، رئيس الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام، وصف القانون الجديد بـ"اللحظة التاريخية"، واعتبر أن إحداث السجل الوطني للسينما والانتقال نحو الرقمنة يمثلان قفزة نوعية تضع حدًا للبيروقراطية، وتفتح الباب أمام المزيد من الشفافية وسرعة اتخاذ القرار.
وأكد أن النص الجديد يمنح دفعة قوية لجذب الاستثمارات المحلية والدولية، كما يُعزز مكانة التقنيين والفنانين من خلال آليات للحماية الاجتماعية. لكنه شدّد في المقابل على أن نجاح هذه الخطوة مرهون بجدية التنفيذ وتوفير الموارد البشرية والمالية اللازمة.
من جانبه، بدا المخرج والمنتج يوسف حسيك أكثر تفاؤلًا، معتبرًا أن القانون يضع أسسًا واضحة لتشجيع الإنتاجات الوطنية والدولية، ويمنح المخرجين حرية أكبر للتركيز على الإبداع بعيدًا عن تعقيدات الإجراءات.
وأشار إلى إيجابيات عديدة، منها الاعتراف الرسمي بالمهنيين عبر بطاقات منظمة وتشجيع الاستثمار في القاعات السينمائية. لكنه عبّر عن قلقه من أن آجال الملاءمة قد تُربك المؤسسات الصغيرة ذات الإمكانيات المحدودة، داعيًا المركز السينمائي إلى مرافقتها حتى لا تُقصى من المشهد.
أما المعطي قنديل، رئيس غرفة الفنيين، فقد تبنّى موقفًا أكثر حذرًا، إذ شدّد على أن صدور النصوص وحده لا يكفي ما لم تُترجم إلى مراسيم تنفيذية دقيقة تضمن وضوح الإجراءات.
وأبدى اعتراضه على بعض الشروط المرتبطة بالحصول على البطاقة المهنية، محذّرًا من أن تتحول إلى عقبة أمام فنيين ذوي خبرة طويلة لا يتوفرون على شهادات أكاديمية، وطالب بلجان تقييم مستقلة تضم خبراء تقنيين، إضافة إلى مراقبة صارمة لآليات الدعم والتوزيع التي اعتبرها الحلقة الأضعف بين الإنتاج والجمهور.
تباينت المواقف بين من يرى في القانون 18.23 فرصة تاريخية لتقوية الصناعة السينمائية، ومن يعتبر أن الطريق لا يزال طويلًا قبل أن تتحقق أهدافه عمليًا. غير أن الأصوات كلها تلتقي عند حقيقة أساسية: مستقبل السينما المغربية لن يتحدد بالنصوص وحدها، بل بمدى قدرة المؤسسات على تحويلها إلى إجراءات ملموسة تُنصف المبدعين والمنتجين والتقنيين على حد سواء.