مع شروق شمس التاسع من شهر ذي الحجة، بدأ حجاج بيت الله الحرام بالتوجه إلى صعيد عرفات، لأداء ركن الحج الأعظم، وهو الوقوف بعرفة، بعد أن قضوا يوم التروية في مشعر منى، استعدادًا لواحدة من أعظم شعائر الإسلام.
يوم عرفة ليس مجرد محطة في مناسك الحج، بل هو يوم مبارك له مكانة خاصة في الدين الإسلامي، ورد فيه من الفضائل والنفحات ما يجعله أعظم أيام العام.
ورد في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ: أفضل الأيام يوم عرفة – رواه ابن حبان.
وفي حديث آخر: ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل الله إلى السماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء... – رواه ابن حبان.
في يوم عرفة نزل قول الله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" (المائدة: 3)
وهذا ما جعل عمر بن الخطاب يقول لليهود: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه هذه الآية، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على رسول الله ﷺ وهو قائم بعرفة.
عن النبي ﷺ: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام – رواه أبو داود.
لغير الحجاج، صيام يوم عرفة سنة عظيمة، قال النبي ﷺ: صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده – رواه مسلم.
قال ﷺ: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة – رواه مسلم.
وفيه يباهي الله ملائكته بأهل الموقف ويغفر لعباده التائبين.
لمن لم يُدرك الحج هذا العام، يظل يوم عرفة فرصة عظيمة لنيل الحسنات والتقرب إلى الله، وفيه عدد من السنن والمستحبات:
وهو من أعظم الأعمال، لما فيه من تكفير للذنوب، بشرط ألا يكون الحاج صائمًا ليتقوى على الدعاء والعبادة في عرفة.
قال النبي ﷺ: خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له..." – رواه الترمذي.
ويستحب للمسلم الإكثار من الأدعية العامة والخاصة، والدعاء لنفسه ولأهله ولجميع المسلمين.
التكبير من شعائر هذه الأيام، وله صيغ متعددة، منها:
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا.
يوم عرفة فرصة لا تُعوض لمحو الذنوب، فيستحب الإكثار من الاستغفار والتوبة الصادقة، والتوجه لله بقلب خاشع، وسؤال العفو والمغفرة.
قال العلماء: إن يوم عرفة هو "موسم العتق الأكبر"، وهو يوم تتنزل فيه الرحمات وتُستجاب فيه الدعوات وتُغفر فيه الزلات، وعلى المسلم أن يُقبل على الله بكامل قلبه، مستشعرًا عظمة اليوم، سائلًا رحمته وغفرانه.