تغذية

5 يونيو 2016

ملوك الموائد...

لا يقتصر شهر رمضان الفضيل على تأكيد القيم الإنسانية والأخلاقية فقط، بل زد عليها عاداتٍ غذائيّة صحيّة يُخشى عليها من الاندثار، في زمنٍ أصبح فيه كل شيء معلباً خالياً من الطّعم الحقيقي للمواد الطبيعيّة، ومشبعاً بالنكهات الاصطناعية والمواد الحافظة، التي تُحدِثُ أثراً لا يُستهانُ به على صحّتنا.
على مائدة كل صائم تتربع مشاريبٌ أسماؤها غريبة، لا تمت للعصر الراهن بصلة، ولكنها تبقى وبلا منازع ملوك الموائد في الشّهر الفضيل، فالتمر الهندي والعرقسوس والجلاّب وقمر الدّين مشروباتٌ ارتبطت برمضان في ذاكرتنا الشّعبية، وليست المشاريب فقط بل وباعتها أيضاً، حيثُ يحلو لنا مشاهدة بائع العرقسوس يجوب الشوارع بعد الإفطار مردّداً عباراته اللطيفة الرّنّانة "شفا وخمير يا عرقسوس... وبارد وخمير وتهنى يا عطشان"، داعياً الجميع إلى التمتّع بالمذاق اللذيذ للمشروب الرّمضاني العتيق، الّذي استهلك منه عناء يومٍ كامل لملء إبريقه النّحاسي الكبير، الذي يؤرجحه بخفّةٍ ورشاقة في استعراضٍ جذّاب، للفت الأنظار وتشجيع المارّة على تذوّق العرقسوس.

التمر الهندي





فضلاً عن النكهة الغنيّة والطّعم الفريد الذي يتميّز به التمر الهندي، فقد أثبتت الدراسات العلمية أنه يحتوي على مضادات حيوية قادرة على إبادة الكثير من السلالات البكتيرية المختلفة الضارة بالإنسان، هذا إلى جانب فوائده كمليّن ومضاد للحموضة وملطف وخافض للحرارة، ولذلك تضيف بعض شركات الأدوية الخلاصة المائية لثمار التمر الهندي إلى أدوية الأطفال.
ويقال عن التمر الهندي، إنه ثمرة صحية منظفة تحسن الهضم وتطرد الغازات وتلطف التهابات الحلق وتعمل كملين معتدل، ويعطى لفتح الشهية وتقوية المعدة، كما أنه يستعمل لتفريج الإمساك وبالأخص إذا مُزج معه الكمون والسكر.
وفى الهند يستعمل المواطنون صلصة التمر الهندي ضد الزكام والعلل الأخرى التى تنتج نزلة مفرطة، ويعتبر فى الطب الصينى عشبة مبردة ملائمة لعلاج حرارة الصيف، كما يُوصف علاجاً لفقد الشهية والغثيان والقيء أثناء الحمل والإمساك، ويستعمل ضد زيادة حموضة الدم حيث يستخدم منقوعه لتخليص الدم من حموضته الزائدة وفى طرد ما يحتويه من سموم.

العرقسوس





للعرقسوس خواصّ غذائية وعلاجيّة عالية، اكتشفها البابليون منذ القِدم، وتبعهم الفراعنة الذين توارثوه كشرابٍ ملكيّ دون عامّة الناس، كما استخدمه أطباء اليونان في علاج حالاتٍ كثيرة كالسّعال الجاف والربو، كما عرفه قدماء العرب حيث ورد وصفه في كثير من المراجع القديمة مثل كتاب "القانون" لإبن سينا الذي فصّل في فوائده وقيمه الطبية الكبيرة.
يتميّز العرقسوس بمذاق حلوٍ مرغوب، وفي نفس الوقت لا يحتوى على سعراتٍ حرارية عالية، كما لا يسبب السكر الموجود في تركيبته الطبيعية الأذى لمرضى السكر.
بالإضافة إلى قدرته الفائقة على مقاومة العطش ومنح الإحساس بالانتعاش المتجدد وله فوائد عديدة مع من يعانون من قرحة المعدة والجهاز الهضمي بشكل عام، كما أنه يلعب دوراً هاماً فى فتح الشهية وتحسين عملية الهضم، وتقليل أعراض حرقة المعدة والحموضة.
و نظراً لمحتواه العالي من البوتاسيوم فيجب تناوله بحذر خاصة مع مرضى ضغط الدم المرتفع، حيث أنه يساعد فى احتباس الماء، ويساهم فى رفع ضغط الدم وإحداث تورم فى الأطراف السفلية، كما أن الإفراط فى تناوله قد يكون سبباً فى تكوين حصى في الكلى.
لذلك عزيزتي، فوشيا تنصحكِ أن لا تتركي مائدتك الرّمضانية خاليةً من هذين المشروبين بالذات، وأن لا تستبدلي المشروبات والعصائر المصنّعة بهما، لتمنحي الفرصة لكِ ولعائلتكِ للاستمتاع بفوائدهما.