لعل أول ما يخطر ببالك عند ذكر كلمة "ذاكرة" هو تذكر بعض الأمور المرتبطة بالماضي كرحلة سابقة، شخص عزيز عليك، رائحة طعام كنت تفضلينه، أكلة شهية تناولتها في إحدى الخروجات وما إلى ذلك، لكن الحقيقة هي أن للذاكرة مفهوما أبعد وأكبر في الشمولية من ذلك.
فبشكل عام هناك نظامان للذاكرة. النظام الثاني يتم بجهود مدروسة وأكثر وعيا، وهي الجهود التي تحدث عادة أثناء مرحلة التعلم الأولية، أما النظام الأول فهو أكثر أوتوماتيكية ويتم بالممارسة.
فعلى سبيل المثال، قد تستغرقين بعض الوقت والتفكير والجهد عند حل أحد ألغاز الذاكرة للمرة الأولى، لكن مع مرور الوقت، ستصيرين أكثر تمرسا على حل مثل هذه الألغاز بجهد وتفكير أقل.
وبخلاف ذلك، فإن هناك أنماطا أخرى للذاكرة مرتبطة بالحركات البدنية والرياضية التي يقوم بها الإنسان. ولتقريب الصورة هنا، يمكنك تفسير قدرة بعضهم على ركوب الدراجة الهوائية بعد سنوات من التوقف عن ممارسة تلك الرياضة بامتلاكهم ذاكرة تعرف بـ "ذاكرة الحركة".
والحقيقة التي أوضحها الباحثون بهذا الصدد هي أن عضلات أجسامنا لديها ذاكرة، وأن تلك الذاكرة التي تعرف بـ "ذاكرة العضلات" تصف الشكل الذي كان عليه نشاطك البدني السابق، وكيف أنه ساعد العضلات على اكتساب المزيد من القوة والكتلة بعد فترة طويلة من التوقف عن ممارسة الرياضة، لاسيما عند المقارنة بمن لم يدربوا عضلاتهم في السابق.
حين تمارسين التمارين الرياضية لمستوى معين، فإنك تنهكين وتجهدين عضلاتك. لكن لك أن تعلمي أن هذا الإنهاك وما يعقبه من استشفاء وبقية تفاصيل تلك العملية هو ما يتيح إحراز تقدم على صعيد قوة ونمو العضلات، طبقا لما أكده باحثون لموقع "هيلث لاين" الطبي.
وأشار بعض الخبراء إلى أن ذاكرة العضلات تتكون ربما عن طريق الاحتفاظ بالنواة الخلوية في ألياف العضلات التي يمكن أن تثار مرة أخرى في المستقبل. والفكرة الأساسية هنا هي أن ذاكرة العضلات لا تدوم فحسب مع الوقت، لكنها تجعل أيضا النمو أسرع عند العودة للتمارين.
أولا، لا يوجد وقت أفضل من الآن للبدء في ممارسة الرياضة ووضع خطة لتعزيز ورفع مستوى لياقتك البدنية. ولك أن تعلمي أن العضلات المدربة سيبقى بمقدورها رفع أوزان أثقل بما يصل لـ 25 % من العضلات غير المدربة، حتى بعد مرور 5 أشهر من الراحة.
وثانيا، حال عدم ممارستك الرياضة منذ فترة طويلة، لأسباب إصابة، عمل وما إلى ذلك من ظروف، فإن ذاكرة العضلات ستساعدك على العودة لكامل قوامك وهيئتك البدنية أسرع مما تتخيلين.
ومع هذا، يجب أن تكوني حذرة حتى لا تحاولي العودة لما كنت عليه بسرعة، ويجب أن تعرفي أن الأمر سيستغرق منك بعض الوقت لتتمكني من إعادة بناء انجازاتك المرتبطة باللياقة البدنية.