header-banner
لوحة بالأزرق

فنانون تشكيليون عرب يعيدون تشكيل الهوية باستخدام الأزرق والعظام والدمى

ثقافة
فريق التحرير
21 أغسطس 2025,7:02 م

في مشهد معاصر للفن العربي، يتبنى فنانون مختلفون أدوات رمزية قوية مثل اللون الأزرق والعظام والدمى لإعادة سرد الهويات المفقودة والذاكرة الجماعية.

فمثلاً، تستخدم الفنانة ميسون آل صالح الهياكل العظمية لتسليط الضوء على الجسد والموروث الثقافي.

ويدخل اللون الأزرق في أعمال معاصرة كرمز للغربة والحنين العميق في أعمال الفنان مسعود حيّون، خاصة في أعمال تتناول الشتات والنفي.

أما الدمى، فيستخدمها فنانون مثل وائل شوقي كرمز للذات والتنوع وقبول الآخر، عبر مواد وأشكال تُستحضر منها قصص الهوية والجمال والتعدد.

هذا النهج التأملي يتيح قراءة جديدة للهوية من خلال عناصر بسيطة لكنها محمّلة بالدلالات، ما يجعل الفن أداة لفهم تاريخ الجماعة ومآلاتها.

ميسون آل صالح: العظمُ يروي ما لا يُقال

تبدأ الفنانة الإماراتية ميسون من الهياكل العظمية. ولكن ليس كرمز للموت، بل كدعوة للخروج من السطحية. ترى في العظام ما يوحّدنا جميعًا، وراء اختلافات النوع والجنس والهوية.

بعد تجربتها الشخصية التي رأت فيها هيكلها عبر أشعة روتينية وهي في سن السادسة عشرة، تحولت لتعبّر باللوحة عن خفايا التاريخ الإماراتي والقصص الشخصية، بأسلوب سريالي حيّ ينبض بالواقع الموضوعي والذكريات العميقة.

في معرضيها:

The Bright Side of the Bones: استخدمت هياكل عظمية لتروي قصصًا إنسانية كالثنائي الذي يُجسد عُرسًا عبر جسدين مجردين من اللحم والزمان. 

The Dara Chronicles - حكاية حقيقية من البحر: غاصت فنانةً ومستكشفة، محاطةً بقطع بحرية وأساطير جدها الذي نجا من غرق سفينة، لتصور قصته بطريقة تقنية وسردٍ حيّ بألوان تحت الماء.

تُخفي لوحاتها وجوهًا بلا ملامح أمامية، ليُصبح الجمهور مشاركًا في رسم الحكاية، وليس مجرد متلقٍّ. بين تقنيات رقمية وألوان صارخة، تتماس الخيالات مع الواقع، وتنبض في داخلنا.

مسعود حيّون: أزرق الأقمار التي تحمل قصص الغربة

في معرضه الأخير في لندن بعنوان Stateless‎، يسكب الفنان الفلسطيني التونسي مسعود حيّون الجميع في اللون الأزرق: جدّه الذي غادر مصر، امرأة مقلوبة تمثل شؤون الأجانب، شاعرات، عمال في مطعم الحلم، كلهم وُجدوا في فضاء لا وطن له، لا إطار، بل تعتيق هادئ للوجود الإنساني في لحظة انقلابية.

هذا اللون لم يكن عبثًا، في البداية خصصه للأجساد التي لا تزال حية في الذاكرة، وبعدها بات يُشيعه في الفضاء كله.. كأنه يعيد تعريف الموت والحياة بلغة واحدة. 

المعرض يدور حول أنظمة السيطرة، من الجنسيّة إلى الهوية. لكن بقلم فني يجعل المشاهد يخوض القصة دون أن يشعر. حكايات عن العائلة والهجرة والحرمان من المواطنة، تتداخل مع سجلات وملفات اللاجئين الفلسطينيين والمهاجرين غير الشرعيين في أميركا، في رؤية بصرية تتجاوز الحدود والألوان المزعجة بصدق إنساني مفعم بالنضال والحب والإصرار. 

اللوحة تفلت من الزمن، وتدعو للاستماع لا النظر فقط، ليس في طبيعة طفل أو امرأة أو صحافية مجردة، كلهم زرق، وكل وجه قصته تنبض خلفه. الأزرق هنا لا يرمز إلى الحزن فقط، بل إلى وجود حيّ مضطرب ينتظر أن يُرى. الفن عند حيّون لا يُرسم فقط ليُفهم، بل يُشعر.

وائل شوقي: الماضي يُعاد تمثيله من خلال الدُمى

الدراما لا تُروى دومًا عبر الممثلين الحقيقيين. في عرض "Drama 1882"، استخدم الفنان المصري وائل شوقي دمى زجاجية بأسلوب مسرحي ساحر، لتروي أحداث الاحتلال البريطاني لمصر. هاهنا، يتحوّل التاريخ إلى عرض مأساوي كشف الغياب الحقيقي للإرادة. حمى المسرحية تحاكي تحريف الواقع، وتكشف كيف تُحرّك القوى البشرية كبنية لا ترى.

في المعرض المقام حاليًا في غاليري Talbot Rice بإدنبرة، تستمر الدمى الزجاجية في الحديث بصمتها، بينما نعيد النظر في السرديات التي تشكّل معرفتنا بالماضي.

هذه الحكايا الفنية تكشف كم أن الفن العربي، في صمته وألوانه، أكثر قدرة على الكلام. بين الهياكل، والدمى، واللون الأزرق، يخاطبنا الفنّانون بصوت خافت: هل أنت مستعد للقصة التالية؟

أخبار ذات صلة

افتتاح معرض "صوت مصر" بمشاركة 29 فنانًا

افتتاح معرض "صوت مصر" بمشاركة 29 فنانًا

 

google-banner
footer-banner
foochia-logo