في أمسية احتفالية احتضنها مركز "أدنيك" ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، كرّم الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، الفائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها التاسعة عشرة، نيابةً عن راعي الحفل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات.
الحفل الذي أقيم في أجواء احتفالية حضره نخبة من المثقفين والأدباء العالميين، وشكّل منصة احتفاء بالإبداع العربي والعالمي في مختلف مجالات الفكر والثقافة.
سلّم الشيخ ذياب الجوائز للفائزين في مختلف فروع الجائزة، ومن بينهم: الروائية اللبنانية الفرنسية هدى بركات (فرع الآداب)، والكاتبة المغربية لطيفة لبصير (أدب الطفل والناشئة)، والمترجم الإيطالي ماركو دي برانكو (الترجمة)، والدكتور المغربي سعيد العوادي (الفنون والدراسات النقدية)، والدكتور محمد بشاري (التنمية وبناء الدولة)، والباحث البريطاني أندرو بيكوك (الثقافة العربية في اللغات الأخرى)، والباحث العراقي البريطاني رشيد الخيون (تحقيق المخطوطات).
تميّز الحفل بتكريم خاص للكاتب الياباني العالمي هاروكي موراكامي، الفائز بجائزة "شخصية العام الثقافية" تقديرًا لإسهاماته الإبداعية التي عبرت حدود اللغة والثقافة.
واختير موراكامي لهذه الجائزة بوصفه أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا وانتشارًا في العالم، وتقديرًا لدوره في تعزيز التواصل الثقافي بين الشعوب.
بلغ عدد المشاركات في دورة هذا العام أكثر من 4000 ترشيح من 75 دولة، بينها 20 دولة عربية، بينما سجّلت خمس دول مشاركتها لأول مرة، وهي: ألبانيا، بوليفيا، كولومبيا، ترينيداد وتوباغو، ومالي.
وتعكس هذه الأرقام الواسعة اتساع تأثير الجائزة على الصعيد العالمي، ومكانة دولة الإمارات المتصاعدة كمركز عالمي للثقافة وحاضنة للمواهب والمبدعين.
تُمنح جائزة "شخصية العام الثقافية" ميدالية ذهبية وشهادة تقدير، بالإضافة إلى مليون درهم إماراتي، فيما يحصل الفائزون في الفروع الأخرى على ميدالية ذهبية وشهادة تقدير وجائزة مالية قدرها 750,000 درهم لكل منهم؛ ؤكد هذا الدعم المادي والرمزي التزام الجائزة بتعزيز الاستدامة الثقافية والبحث العلمي.
قبيل حفل التكريم، استضافت منصة "المجتمع" جلسة نقاشية بعنوان "تقدير لكل مبدع"، أدارها الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، بحضور نخبة من الفائزين.
أكد بن تميم في كلمته أن الجائزة تحتفي بالفكر المنتج، وتسعى لترسيخ الحوار بين الحضارات عبر تكريم أصحاب الرؤى التي تتجاوز الحدود.
قدّمت هدى بركات رؤيتها لروايتها الفائزة "هند أو أجمل امرأة في العالم"، ووصفتها بأنها محاولة لتجاوز القوالب التقليدية للجمال من خلال شخصية ترتبط عاطفيًا بمدينة بيروت.
وأشارت إلى أن الجوائز العربية تحمل لها قيمة خاصة، مثنية على المكانة العالمية التي باتت تحتلها جائزة الشيخ زايد.
تحدثت الكاتبة المغربية لطيفة لبصير عن تجربتها الأولى في أدب الطفل، من خلال كتابها "طيف سبيبة"، والذي يتناول موضوع التوحد بلغة أدبية عاطفية. وأكدت أن معايشتها لحالات واقعية كانت دافعًا للبحث، وخلق عمل يحمل رسالة إنسانية عميقة.
استعرض الدكتور محمد بشاري أفكاره حول كتابه "حق الكدّ والسعاية"، مؤكداً أنه يسعى إلى مراجعة مفاهيم تقليدية في الفقه الإسلامي، وتقديم مقاربة علمية تواكب المتغيرات الاجتماعية، مشددًا على أهمية تعزيز المساواة من داخل النصوص الدينية ذاتها.
أوضح المترجم الإيطالي ماركو دي برانكو أن عمله يعيد إحياء نصّ عباسي نادر، ويؤسس لحوار عابر للزمن والثقافات من خلال نقل "هروشيوش" إلى الإنجليزية، في تجربة وصفها بأنها عمل أكاديمي وثقافي نوعي.
في عمله النقدي "الطعام والكلام"، سلّط الدكتور سعيد العوادي الضوء على الرموز البلاغية في سياقات الطعام ضمن التراث العربي، مشيرًا إلى أن قراءته تفتح نافذة لفهم التراث من زوايا غير مألوفة.
تناول الباحث أندرو بيكوك الروابط العميقة بين الثقافة العربية ومجتمعات جنوب شرقي آسيا في القرنين السابع عشر والثامن عشر، مؤكدًا أن كتابه يوثق أدوار العلماء العرب في نشر المعرفة وتشكيل الهوية الثقافية لتلك المناطق.
أما الباحث رشيد الخيون، فقد قدّم تحقيقه لكتاب "أخبار النساء" بوصفه محاولة لإبراز نصوص نسائية نادرة، تؤكد حضور المرأة في التاريخ الثقافي العربي بعيدًا عن النماذج التقليدية، معتمدًا في ذلك على مصادر تراثية أصيلة.