زاوية "ماذا تقرأ؟" هي نافذة تسلط الضوء على عوالم القراءة لدى الكتاب والمؤثرين والفنانين، نهدف من خلالها الى استكشاف الكتب التي تلهمهم، وتكشف عن اهتماماتهم الفكرية، وتروي لنا قصصًا عن شغفهم بالقراءة، وكيف تؤثر في مساراتهم الشخصية والمهنية. إنها مساحة للاحتفاء بالكتاب والقراءة كوسيلة للابداع والتطور.
عن علاقتها بالكتب، تكشف الفنانة السورية شهد برمدا أنها قارئة نهمة وشغوفة بالمعرفة، وبين علاقتها بالكتب العناوين التي ترافقها في حياتها اليومية، وتفتح لنا نافذة على عالمها الفكري والروحي.
كيف ومتى بدأت علاقتكِ بالكتاب؟
بدأت علاقتي بالكتاب عندما كنتُ في المدرسة، وتحديدًا في سن الثالثة عشرة، حينها بدأنا نتردد على مكتبة المدرسة ونستعير منها الكتب، لا أعلم لماذا، لكن لا شعوريًا بدأتُ أنجذب إلى كتب علم النفس. أول كتاب استعرته من المكتبة كان بعنوان "الانتصارات المذهلة لعلم النفس"، وكان تقريبًا يتألف من 1100 صفحة، قرأت ثلاثة أرباعه ولم أفهم الكثير منه، لكن مجرد قراءته كانت شيئًا جاذبًا لي، رغم أنه كان أكبر من سني بكثير. كنتُ دائمًا ميّالة لهذا النوع من الكتب.
أنا دائمًا أُقسّم قراءاتي إلى ثلاثة أنواع: كتب روحانية فيها طابع ديني أو صوفي، لأنني مهتمة بالصوفية منذ زمن، وأفضل دائماً أن أقرأ كتاباً في هذا السياق. النوع الثاني هي كتب تحفز التفكير النقدي أو العقلي وتتطلب تركيزًا. والنوع الثالث الكتب الخيالية كالروايات، لأسترخي خلال قراءتها من دون بذل جهد ذهني كبير.
حاليًا أقرأ في عدة موضوعات، منها كتاب "الوصايا" لمولانا محيي الدين بن عربي، وكتاب عن الذكاء العاطفي، وبما أنني أصبحتُ أمًا، صارت لي أولويات مختلفة في القراءة، أقرأ حاليًا كتاب "فكّر بعقل طفلك" للاستشارية التربوية غزل البغدادي.
ما الذي يتناوله هذا الكتاب؟
يتناول طرق تربية الأطفال وكيفية التعامل معهم في كل مراحل حياتهم. وكتاب "فكّر بعقل طفلك"، يوصل للأمهات كيف يفكر الصغار وما التحديات التي يواجهونها؟ وما الأسباب التي تدفهم للقيام ببعض السلوكيات دون غيرها؟ وبه نصائح للأمهات حول طرق التعامل مع سنهم الصغيرة وتفكيرهم الصغير. وبصراحة أجد أنه كتاب خفيف في عدد صفحاته، ثقيل في نصائحه وغني في محتواه، يرافقك ويرشدك طوال رحلتك مع ابنك، إذ يعطيك أفكارًا وأمثلة لتستوضح مقاصده، ونصائح تربوية ثمينة، كما يمدُّك بأنشطة تفاعلية تقوِّي علاقتك بطفلك.
لماذا اخترتِ هذا الكتاب؟
اخترتُ هذا الكتاب لأتعلم كيف أتعامل مع ابنتي في كل مرحلة من مراحل عمرها. فعقل الطفل وعالمه مختلفان تماماً عن عالمنا، ومن الضروري ألا نعتمد فقط على ما ورثناه من أساليب تربية أهلنا والعادات والتقاليد، رغم أهميتها. اليوم هناك ما يسمى بعلم الهرمونات، وأنا مهتمة جداً بهذا الموضوع، لأفهم ما الذي يحدث في دماغ طفلتي، وما الذي يُفرزه، ولأفهم حالتها النفسية وتركيبتها العصبية وكيفية عملها. الكتاب يتناول أيضًا تجارب لأمهات وآباء في مراحل عمرية مختلفة لأطفالهم، ويعرضها من خلال طبيبة متخصصة في علم نفس الطفل. وهي تسرد لنا استشارات تربوية وكيف تعاملت مع المشكلات، وتطرح الحلول من الناحية النفسية والطبية.
من كاتبكِ المفضل؟
أحب كثيراً ديل كارنيغي، وواسيني الأعرج. لكن رقم واحد بالنسبة لي، وتربطني به علاقة صداقة أعتز بها، هو الكاتب والمفكر الكبير يوسف زيدان، كما أحب نثريات نزار قباني، فهو لم يُبدع فقط في الشعر، بل نثرياته أيضاً عظيمة بطريقة مذهلة. أحب كذلك ياسر حارب، وأليف شافق، وإن كان لدي معها علاقة متذبذبة، فأحيانًا أحب كتاباتها جدًا، وأحيانًا أشعر أنني لا أستطيع قراءتها. أيضاً أحب بعض كتابات باولو كويلو، وأحب الأدب التركي خصوصًا، ربما لأن فيه شيئًا من بيئتنا الشرقية ومجتمعاتنا. هؤلاء هم الذين يحضرونني في هذه اللحظة.
متى تقرئين؟
أكثر وقت أقرأ فيه هو وقت الليل، خصوصاً حالياً عندما تنام ابنتي ويعمّ الهدوء في البيت، أخصص وقتاً للقراءة ولكل ما أحب القيام به. وأيضاً حين أسافر، أو في بداية يومي إن استطعت، أحب أن أبدأ نهاري بالقراءة.
أين تقرئين؟
أقرأ في غرفتي، ويجب أن يكون هناك صمت تام لأستطيع التركيز. وأحياناً أقرأ بعد أن أنهي تماريني في النادي، أجلس في زاوية معينة أحبها هناك وأقرأ نوعاً من الكتب التي لا تتطلب صمتاً مطبقاً، ورغم ضجة النادي أستطيع التركيز فيها.
هل من مجالات أو كتب معينة تجذبكِ؟
كما ذكرتُ، لا أحب الروايات البوليسية، ولا أفضّل السياسة كثيراً، أقرأ فيها أحياناً لكن ليس كثيراً. أما الكتب التي تتعلق بعلم النفس، والكتب الروحانية، والكتب التي تتطلب تفكيراً عقلياً أو فلسفياً، أو تلك التي تتناول تطور الفكر، فكلها تجذبني. أحب أيضًا تاريخ الفلسفة، والتاريخ عمومًا، وهذه الكتب هي المفضلة لدي.
بين الإلكتروني والورقي... أيهما الأحب أو الأقرب إليكِ؟
بالتأكيد الورقي. لا أستطيع القراءة إلكترونياً أبداً. حاولتُ مرتين قبل النوم أن أقرأ عبر الهاتف لتسهيل الأمر، لكن لم أستطع التعامل مع الكتاب الإلكتروني. الورق مختلف، فملمس الورق، روحه، مسكة الكتاب بيدي تعني لي كثيراً. أشعر بأنني أندمج مع الكتاب الورقي حين أمسكه. أما الإلكتروني فلا. ربما أقرأ منشوراً أو مقطعاً صغيراً، لكن كتاباً كاملاً؟ لا على الإطلاق.