زاوية "ماذا تقرأ؟"، هي نافذة تسلط الضوء على عوالم القراءة لدى الكتاب والمؤثرين والفنانين، نهدف من خلالها إلى استكشاف الكتب التي تلهمهم، وتكشف عن اهتماماتهم الفكرية، وتروي لنا قصصا عن شغفهم بالقراءة، وكيف تؤثر في مساراتهم الشخصية والمهنية. إنها مساحة للاحتفاء بالكتاب والقراءة كوسيلة للإبداع والتطور.
تقول الشاعرة الأردنية سمر هنيدي إنّ القراءة كانت رفيقتها منذ سنوات الطفولة، فحين لم تكن وسائل الترفيه متاحة كما هي اليوم، وجدت في الكتب عالمًا بديلًا يملأ وحدتها ويغذّي خيالها، فصارت القراءة عادةً أساسية وحبًّا يرافقها.
كيف ومتى بدأت علاقتك بالكتاب؟
منذ طفولتي المبكرة، ففي ذلك الوقت لم تكن وسائل الترفيه متاحة كما هي اليوم، وكنت أقضي وقتًا طويلًا بمفردي. وجدت في القراءة رفيقًا يملأ وحدتي ويغذي خيالي، ومع الأيام تحوّلت من تسلية بسيطة إلى عادة أحبّها وشغف يرافقني حتى الآن.
ماذا تقرئين اليوم؟
في الفترة الأخيرة لم أتمكّن من التفرغ للقراءة كما في السابق، بسبب ضغوط الحياة والانشغال اليومي، لكن تبقى الرغبة حاضرة بقوة للعودة إليها. أشعر أن غياب الكتاب يترك فراغًا في يومي، لذلك أحتفظ دائمًا بقائمة كتب أنتظر أن أعود إليها قريبًا، لأن القراءة بالنسبة لي ليست مجرد تسلية، بل مساحة من الراحة والتأمل أفتقدها كلما ابتعدت عنها، لكن آخر كتاب قرأته، هو رواية "قواعد الشعق الأربعون" لإليف شافاق.
ما الذي تتناوله هذه الرواية؟
تتناول الرواية سيرة جلال الدين الرومي وعلاقته بشمس التبريزي، جامعًا بين الحاضر والماضي، ومسلّطًا الضوء على قواعد العشق الروحي والإنساني. وهذه الرواية بُنيت بطريقة تجعل القارئ يعيش في خطَّين زمنيين متوازيين، أحدهما معاصر يحكي قصة امرأة تعيد النظر في حياتها، والآخر تاريخي يعود إلى القرن الثالث عشر حيث العلاقة العميقة بين الرومي والتبريزي. وهذا المزج بين الأزمنة جعل الكتاب مختلفًا وممتعًا، حيث يفتح للقارئ بابًا على أسئلة الوجود والروح والمعنى.
لماذا اخترت هذه الرواية؟
لأنها مختلفة عن غيرها، فنادراً ما تجذبني الروايات التي تتمحور حول الحب، لكن فضولي دفعني إلى قراءتها، فوجدتها واحدة من أجمل الكتب التي مررت بها، إذ تجمع بين الأدب والروحانيات وتمنح القارئ عمقًا وتأملًا.
من هو كاتبك المفضل؟
لا أستطيع القول إن لديّ كاتبًا مفضّلًا بعينه، فقراءتي متنوعة ولا تقتصر على اسم محدّد. كل كاتب يضيف لي شيئًا مختلفًا، وأحيانًا أُعجب بعمل واحد ولا أجد ذات الانجذاب في أعمال أخرى لنفس الكاتب. وبالنسبة لي، الكاتب المفضل هو من يستطيع أن يوقظ في داخلي شعورًا جديدًا، أو يفتح أمامي بابًا للتفكير لم يكن مطروقًا من قبل، بصرف النظر عن اسمه أو شهرته.
متى تقرئين؟
القراءة بالنسبة لي لا ترتبط بوقت محدّد بقدر ما ترتبط بصفاء الذهن. وفي الغالب أجد نفسي أكثر ميلًا إليها في ساعات المساء، عندما يهدأ إيقاع اليوم وتخفّ الضغوط، وأحيانًا أستمتع بها صباحًا مع فنجان قهوة، حيث يكون العقل صافياً والجو مهيّأ للتأمل. وأعتقد أنّ أجمل ما في القراءة أنها لا تحتاج إلى موعد مسبق. يكفي أن تتوافر لحظة هدوء لأفتح كتابًا وأغوص في صفحاته.
أين تقرئين؟
أميل كثيرًا إلى القراءة في الأماكن الهادئة، فأي ضجيج من حولي يجعل تركيزي يتشتت. ولهذا السبب غالبًا ما أختار غرفتي أو ركنًا مريحًا في المنزل، حيث أستطيع أن أعزل نفسي عن الأصوات، المكان بالنسبة لي جزء أساسي من تجربة القراءة، لأنني أعتبر الكتاب حوارًا صامتًا مع الذات، وهذا الحوار يحتاج إلى مساحة هدوء تسمح لي بالانغماس الكامل في النص.
هل من مجالات أو كتب معينة تجذبك؟
ذائقتي تتنوّع مع الوقت، لكنني في الفترة الأخيرة أصبحت أميل إلى كتب الحب التي تتناول المشاعر الإنسانية بصدق وعمق. ومع ذلك، يبقى شغفي الأكبر مع قصص الغموض والألغاز أو ما يُعرف بــMurder Mysteries، فهذه النوعية من الكتب تستهويني لأنها تشدّ القارئ إلى آخر صفحة، وتدفعه للتفكير والتحليل وربط الخيوط، أحب هذا التفاعل الذهني مع النص، فهو يجعل القراءة مغامرة ممتعة وليست مجرد تمرير للوقت.
بين الكتاب الورقي والإلكتروني.. ما الأقرب إليك؟
أفضل الكتاب الورقي، فلا أجد متعة في القراءة من الهاتف أو الشاشة، وأشعر أن الورقي أكثر دفئًا على القلب وألطف على العين. هناك سحر خاص في ملمس الورق ورائحة الكتب، يجعل التجربة أكثر قربًا وحميمية.