قبل 5 سنوات، في مثل هذا اليوم، 30 مايو، من عام 2020، غيّب الموت واحدًا من أهم أعمدة الكوميديا والدراما في تاريخ الفن المصري، الفنان الكبير حسن حسني، الذي لم يكن مجرد ممثل، بل كان مدرسة فنية متكاملة، و"جوكر" قادرًا على شحن أي عمل فني بالحياة مهما كان حجمه أو نوعه.
في تصريح خاص لموقع "فوشيا"، كشف الناقد الفني طارق الشناوي عن علاقته الفكرية والفنية بحسن حسني، قائلًا: كتبتُ عنه كتابًا بعنوان الأسطى، لكنه نُشر في نسختين، إحداهما بعنوان "الأسطى"، وصدر أيضًا بعد ذلك بعنوان "الناظر"، وأنا أُفضل أن أراه "الناظر"؛ لأنه كان بمنزلة تذكرة مرور لجيل كامل من نجوم الكوميديا مثل محمد هنيدي، وهاني رمزي، وأحمد حلمي، وعلاء ولي الدين.
وأضاف الشناوي: كان لا بد من توقيع حسن حسني على العمل حتى يُسمح لهؤلاء النجوم بالمرور والظهور، كان يتمتع بقدرة استثنائية على العطاء غير المحدود، فبعكس المعتاد في نجم الكوميديا الذي يسعى لخطف الضحكة والانفراد بالإفيه، كان حسن حسني يمهّد الطريق لزملائه ويصنع معهم كيمياء فنية تضيف للعمل ولا تُنقص منه.
يستشهد الشناوي بموقف شهير من مسرحية "حزمني يا"، حين لم يكن محمد هنيدي مقتنعًا بدوره، لكن حسن حسني دعمه فنيًا ونفسيًا حتى خرج منها نجمًا.
وأكد الشناوي أن حسني كان صاحب عين فنية ثاقبة وقدرة على قراءة النصوص والمواهب، وكان متعدد الألوان الدرامية، واستحق عن جدارة جائزة أفضل ممثل في المهرجان القومي للسينما عام 1994 عن فيلم "دماء على الأسفلت"، برئاسة لطفي الخولي للجنة التحكيم.
لم يكن حسن حسني فنانًا فقط، بل كان أبًا روحيًا لعدد من النجوم، وكان يقدّم النصائح لهم بمحبة وحرص، ينقل الشناوي عنه نصيحته للفنان محمد سعد قائلًا "بلاش الزحلقة تاخدك"، في إشارة منه لعدم الانجراف وراء نجاح نمط واحد من الأدوار.
وكان أكثر ما أثّر فيه نفسيًا هو وفاة الفنان علاء ولي الدين، الذي اعتبره بمنزلة ابنه، وقد تركت هذه الخسارة جرحًا كبيرًا في قلبه.
بسؤال الشناوي، من هو خليفة النجم الراحل حسن حسين، قال بصراحة: لا يوجد من حلّ مكانه، ولا يمكن أن يكون له خليفة، هناك فنانون موهوبون بالتأكيد، لكن كل منهم له بصمته، ولا أحد يحلّ محلّ أحد.
امتدت رحلة حسن حسني لسنوات، حيث ولد في 19 يونيو 1931 بحي القلعة الشعبي بالقاهرة، وعاش طفولة قاسية بعد وفاة والدته وهو لم يتجاوز السادسة من عمره، الأمر الذي ترك أثرًا كبيرًا في نفسه وشكّل مبكرًا ملامح شخصيته القوية والمرهفة في آن واحد.
وبدأ رحلته الفنية من المسرح العسكري، ثم انتقل إلى المسرح القومي، قبل أن يلفت الأنظار بأدواره المميزة في السينما والتلفزيون، حيث جمع بين الكوميديا والتراجيديا في تناغم نادر، وكان قادرًا على الانتقال السلس بين أدوار الأب، والصديق، والمعلم، والمواطن البسيط، دون أن يفقد هويته الفنية.
ورحل حسن حسني عن عمر ناهز 89 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا ضخمًا تجاوز 500 عمل تنوعت بين المسرح والسينما والتلفزيون، وظل حاضرًا بقوة في وجدان الجمهور، وملهمًا لأجيال من الممثلين الذين تربوا على أدائه، وتعلموا من رصانته الفنية وذكائه التمثيلي.