شهدت مصر في الساعات القليلة الماضية جدلًا واسعا بعد مقتل الطالبة نيرة أشرف، على يد زميلها بكلية الآداب جامعة المنصورة؛ ما عرَّض السينما المصرية لانتقادات لاذعة من قبل رواد السوشال ميديا، الذين اتهموا صناعها بنشر البلطجة والعنف في المجتمع من خلال الأعمال الفنية المختلفة سواء في السينما أو الدراما.
"فوشيا" يرصد آراء نقاد الفن وكتاب الأعمال الفنية حول هذه الاتهامات لصناع الفن بتصدير العنف للجمهور:
وقال المنتج جمال العدل إن السينما والدراما لها تأثير على المجتمع من خلال تقديم العنف والجرائم، لكن دورها بسيط للغاية، وأضاف: "قديمًا كنا نشاهد حرب العراق وكنا نتعجب من القتل المتتالي، لكن الآن أصبحنا نشاهد ذلك على السوشال ميديا طوال الوقت، وهذا جعل الناس يصبحون أكثر عنفًا ولا يكونون في وعيهم، وهذا ليس له علاقة بالسينما لأن قابيل قتل هابيل قبل ظهور السينما".
وأوضحت الناقدة الفنية، خيرية البشلاوي، أن هناك اختلالا نفسيا في المجتمع المصري ككل، حصار بالدين والأزمة الاقتصادية، والمؤسسات التي تعمل على تأسيس عقل جمعي من أجل تحويل العقليات إلى إيدولوجية دينية على الرغم من ترك الأزمة الأساسية.
وأكَّدت أن المجتمع في حالة كُفر وانحراف تام رغم المناداة بالدين طوال الوقت، ويرجع ذلك إلى دمار التعليم في المجتمع وأيضًا انحراف الإعلام إلى حد كبير؛ لأنه لا يحلل الحوادث تحليلًا سيكولوجيًا.
وأشارت إلى أنه لا يوجد عنف في السينما الأميركية أكثر من العنف في مصر، والمجتمع يعاني من سند روح الحقيقة رغم ما يقابله من الوعظ طوال الوقت، بالإضافة إلى المخدرات التي تصل إلى الذبح.
وتابعت البشلاوي أن ما يردد حول انتشار العنف والبلطجة على يد الفنان محمد رمضان ليس صحيحًا، مشيرة إلى أن العنف والبلطجة متواجدان في المجتمع المصري من قبل محمد رمضان، وهذا نتيجة للتدين الديني والانحراف، ويرجع ذلك أيضا إلى المخدرات الموجودة في كل مكان، مثل قتل الطالب زميلته بشكل غير طبيعي وسط الشارع وفي وضح النهار أمام الجميع، مؤكدة أن الأمن كان له دور هام في تأمين هذه الأماكن حتى لا تحدث مثل هذه الأشياء.
واستكملت خيرية البشلاوي أن "الطالب قاتل زميلته" لديه هوس جنسي وعاطفي، وغير قادر على استيعاب رفضها له مما جعله يقوم بمثل هذه الأفعال.
وتحدَّث المؤلف أيمن سلامة عن أزمة اتهام الفن بشكل مستمر بأنه سبب في تصدير العنف والجرائم للشعوب، وقال إن الذي يحدث ما هو إلا لجان إلكترونية وفكر واتجاه ظلامي في المجتمع ضد الفن والتنوير، ويحارب الفن بشكل مستمر، والأرض لم تكن جنة قبل عام 1988، ولذلك أفلام الفنان محمد رمضان والسبكي ليست السبب في تدمير المجتمع.
وأكد أيمن سلامة أنه قبل عشر سنوات تم التوقف تمامًا عن إنتاج الأعمال التي تتضمن مشاهد عنف وذبح، مُشيرًا إلى أننا لم نصل إلى المدينة الفاضلة كما يظن البعض، وهناك أسباب حقيقية لابد أن يناقشها علماء الاجتماع، بعيدًا عن المجتمع، بل بالعكس إذا تعلم الطفل في المدرسة الفن بجميع أشكاله مثل الرسم والموسيقى والتمثيل لن يمارس أي شكل من أشكال العنف؛ لأن الفن يدل على الجمال وليس الإرهاب.
بينما قال المؤلف والسيناريست عمرو محمود ياسين عن قضية "طالبة المنصورة"، إنه لا يوجد عمل تناول قصة رجل مجرم أو بلطجي إلا وكان حريصًا على عرض العقاب وأن النهاية ستكون سيئة، بالإضافة إلى الضرر الذي سيقع على المحيطين بالقاتل، وهو ما يهدف إليه الفن.
وقال: "وفي كل الأحوال الجرائم والبشاعة الكبيرة في العصور السابقة كانت أسوأ من ذلك بكثير، فتطور الجريمة على مر العصور كانت تنفذ بشكل منظم ووحشي غير إنساني على عكس الآن مثل آلات التعذيب".
واستكمل عمرو محمود ياسين أن مع تطور العصور أصبح العقاب أكثر إنسانية من قبل، وأيضًا السوشال ميديا لها تأثير كبير على هذه الجرائم، مشيرًا إلى أن صناع الأعمال الفنية جعلوا قلوب المحيطين بالجريمة أكثر رقة وتعاطفًا بالإضافة إلى بكائهم، وليس صحيحًا أن الفن يتسبب في هذه الجرائم.
وأعرب الفنان أحمد عبد العزيز عن استنكاره إلى ما ينسب للفن والتهم الموجهة إليه بأنه السبب وراء انتشار العنف والجريمة، وقال إنه لمن الجائز أن الدراما تؤثر على المجتمع إن كان هناك عنف في الأعمال الدرامية، لكن هناك جرائم تحدث في المجتمع خلال الآونة الأخيرة ليست وليدة الدراما، لكنها وليدة أشياء أخرى ومن الممكن أن يحللها علماء الاجتماع والنفس.
وأكد الفنان أحمد عبد العزيز، أن هناك قيما أخلاقية تحكم المجتمع، وقديمًا كانت الجرائم التي تقدم في السينما أو الدراما للاقتداء والتعلم منعها، لكن حاليًا أصبح المجتمع منحدرا بسبب ضعف التعليم وانهياره أخلاقيًا.
وكشفت الناقدة ماجدة خير الله عن رأيها في الحملة التي يواجهها الفن المصري منذ يومين، عقب جريمة "المنصورة”، وأكدت أن الجمهور يستسهل إلقاء اللوم على عاتق السينما، التي تعرض العنف على شكل “الضرب” من قديم الأزل مثل أفلام فريد شوقي، متابعة أن هناك العديد من الأسباب الحقيقة للجرائم ليس لها علاقة بالسينما أو الفنان محمد رمضان، ومن يأخذ الآراء من السوشال ميديا سيقع في مشكلة كبيرة.