الموبايل بطل فيلم "أصحاب ولا أعز".. والحوار كومبارس
ركزت التحفظات والتعليقات التي تناولت "أصحاب ولا أعز " على التفاصيل التي جاءت في الحوار والمشاهد التي تضمنها الفيلم، وبدا من تلك التعليقات كما لو أن الفكرة العامة ظلت بعيدة عن التناول والتحليل.
الفيلم الذي هو النسخة العربية من الفيلم الإيطالي PERFECT STRANGERS لا يقدم قصة بالمعنى التقليدي، فالأحداث فيه قوامها جلسة أصدقاء تتكشف من خلالها الكثير من الأسرار عن حياتهم الشخصية، والتي تظهر أن هؤلاء الأشخاص رغم علاقاتهم الوثيقة والطويلة لا يعرفون بعضهم بعضا، ولا يتشاركون الأسرار فيما بينهم حتى بين الأزواج أنفسهم، حيث نكتشف من خلال الحوار أن كل زوج يحمل أسرارا لا يعرفها أحدهما، أو يحاولان إخفاءها عن بعضهما البعض.

بطل العمل الحقيقي هو الهاتف المتنقل (الموبايل)، الذي قدمه المخرج اللبناني وسام سمايرا على أنه الصديق الجديد الذي يحل دون وعي أو دون قصد محل الصداقات التقليدية. فمن خلال لعبة تحد بين الأصدقاء خلال لقاء لمراقبة خسوف القمر، نكتشف غربة كل واحد منهم عن الآخر. إذ يتفق الحاضرون دون تقدير للعواقب على ترك هواتفهم المحمولة مفتوحة، وأن يتشاركوا سماع ما يتلقونه من اتصالات ورسائل خلال الجلسة مع الآخرين مهما كان مضمونها، ومهما كانت خصوصيتها.
ومع بدء ورود الاتصالات للحاضرين تتكشف أسرار لم تكن بالحسبان، ولم تكن تخطر ببال أي منهم، سواء الأصدقاء فيما بينهم، أو الأسرار، وبعض المعلومات الشخصية، التي يخفيها الأزواج عن شركائهم. فنكتشف من خلال اتصال تتلقاه خلال الجلسة، أن صاحبة المنزل التي تستضيف المجموعة تخطط لإجراء عملية لتكبير صدرها أو تحسين مظهره الذي تغير بفعل الولادة والزمن، دون إعلام زوجها الذي هو نفسه جراح تجميل، يجري عمليات مماثلة لنساء أخريات. كما نكتشف خلال الاتصالات أن جراح التجميل "جورج خباز" الذي يقدمه الفيلم في البداية على أنه شخصية "حداثية منفتحة"، يعاني من عقد نفسية يعالج نفسه منها عند أطباء متخصصين في الأمراض النفسية، علما بأن زوجته طبيبة نفسية معروفة.

وتتصاعد وتيرة الأسرار التي تكشفها الاتصالات التي يسمعها الجميع أن الزوجة المصرية والأم لطفلين "منى زكي" والمقيمة في لبنان منذ سنوات، تعيش حياة مزدوجة مع زوجها "إياد نصار". ففي الجانب الخفي من حياتها البعيد عن كونها أمًّا وزوجة متفانية تعيش "حياة جنسية سرية" عبر الإنترنت مع أشخاص تتعرف عليهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وتستعين على المواءمة بين حياتها الطبيعية والسرية بإدمان الكحول الذي نكتشف أنه كان سببا، لارتكابها حادث سير، تحت تأثير الكحول، أدى إلى وفاة من صدمته. وتكشف في سياق اعترافها أن زوجها "إياد نصار" هو من تحمل مسؤولية الحادث إنقاذا لها، وأنها لهذا السبب تقدر تضحيته وتتفانى في رعاية مشاعره بما في ذلك تحمل استضافة والدته الأرملة في بيتها منذ مجيئها إلى لبنان. كما أنها دأبت على التنازل عن الشكوى من برودة علاقتهما الزوجية، بما في ذلك تباعد لقاءاتهما الجنسية.

وبتواصل الاتصالات، نكتشف أن الزوج المحب له أيضا حياة خفية، حيث يتبادل مشاهد وصورا جنسية عبر الهاتف، لتعويض البرود في علاقته بزوجته، لتجعل من صورته كزوج مثالي متفانٍ في تضحيته محل شك، ولتطيح بصورته التي حاول تسويقها لزوجته وبين أصدقائه.
ويمر الفيلم، قبل أن يصل لذروته على أسرار الثنائي المتزوج حديثا ديامان بو عبود وعادل كرم اللذين يعيشان حياة شبابية متصالحة، لكننا نكتشف أنهما يكذبان لتنتهي المواجهة بينهما بالانفصال.
أما الذروة الكبرى للفيلم فتتمثل باكتشاف مثلية أحد الأصدقاء (فؤاد يمين) الذي يأتي للحفل دون شريكته المفترضة، لنكتشف بعد لجوء الزوج المثالي "إياد نصار" لمبادلة هاتفه بهاتف (يمين) -هروبا من اكتشاف أنه يتبادل الصور الجنسية- أنه وقع في ورطة أكبر حيث يتلقى "الصديق" اتصالا عبر الهاتف الذي تم استبداله يكشف عن علاقته المثلية برجل آخر، الأمر الذي يجعل "نصار" يعترف بأنه تبادل الهاتف في غفلة من الحاضرين لإخفاء سر المقاطع الجنسية التي تصل إليه.
ومع تكشف كل الأسرار يشعر المشاهد أن الفيلم قد انتهى وأن افتضاح الأسرار، هو الخاتمة لكننا نكتشف أن نهاية الفيلم تعيدنا إلى المربع الأول الذي يعود فيه الأصدقاء إلى ثنائياتهم وإلى هواتفهم، ولتستمر حياتهم كما كانت وهواتفهم كمخزن لإسرارهم .
الفيلم يحمل تحذيرا من سيطرة التقنيات الجديدة، ومن سطوتها في تشكيل حياتنا، وهو بهذا المعنى يجعل من الجدل الدائر حوله، وخاصة ما تعلق منه بالحوار بين أبطال العمل، جدلا حول أعراض المرض لا جوهره.