أثار فيلم "الجميلة والوحش" منذ إطلاقه في دور السينما موجة تعليقات حول طبيعة الأسطورة التي ابتكرت قصة الفيلم منها، ولفهم السياق الثقافي للقصة الأصلية، تحدث موقع "Glamour" مع أستاذة الفلكلور والأساطير واللغات والآداب الجرمانية ماريا تاتار من جامعة هارفرد ومؤلفة كتاب "الجميلة والوحش: حكايات كلاسيكية حول الحيوانات والعرائس والعرسان من جميع أنحاء العالم".
وقد كشفت تاتار الحقيقة وراء القصة التي لا يدركها أحد، حيث يعتقد الكثيرون أن قصة الجميلة والوحش مستوحاة من قضية بيتروس جون سالفوز وهو رجل من القرن السادس عشر نما له شعر في جميع أنحاء جسمه لدرجة أنه اعتبر وحشاً ارتبط لاحقاً بفتاة شديدة الجمال.
لكن تشير تاتار أن الأسطورة ليست مبنية على شخص محدد؛ وأنها في الحقيقة قصة قديمة قدم الزمن، من بين النظريات التي تبينها تاتار هي أن هذه قصة نشأت قبل زمن المطبوعات، وهي تعود للزمن الذي كانت تروى فيه القصص كنوع من الإثارة المخصصة للبالغين عندما كانت القصص الخيالية مصدر المواد الإباحية قديماً حيث كانوا بحاجة لمثل هذه القصص الدرامية ولم تكن أغلبها مناسبة للأطفال.
لكن هذه النظرية مستبعدة، حيث أن الوقوع في حب الحيوانات أمر قديم، فإذا نظرنا لقصص أخرى مثل طرازان والأميرة والضفدع نرى أنه دائماً ما يتم التلاعب بالخط الفاصل بين الإنسان والحيوان، وبالتالي فإن الجميلة والوحش ليست قصة إثارة غريبة بل هي مثال آخر على مواجهة البشر لتشابههم مع الحيوانات.
جاءت أول نسخة مطبوعة من القصة من خلال رواية من كتابة غابرييل سوزان باربو دي فيلوف إلا أن النسخة التي نعرفها اليوم والمكتوبة لتناسب الأطفال هي من تأليف جان ماري ليبرينس دي بومون ونشرت عام 1756، ووفقاً لتاتار فإن دي بومون يستخدم القصة لتعليم الأطفال الأخلاق الحميدة وأن الجمال يعني الإخلاص واللطف والتضحية بالذات. ونجحت في ذكر كل الأخلاق المهمة ومنها أخلاقيات تناول الطعام.
وتشير تاتار إلى أن القصة تتمثل في تعلم البنات الصغيرات التأقلم مع فكرة الزواج المبكر والزواج القائم باتفاقات مسبقة، حيث كانت مخصصة للفتيات الصغيرات اللواتي يتم تزويجهن لرجال أكبر منهن سناً ممن أبقوهن في قصورهم وألبسوهن ثياباً أنيقة لتناول العشاء ثم يحضّروهن لقاء ليلة في الفراش الأمر الذي ترفضه المجتمعات المتقدمة ومعايير حقوق الإنسان حالياً.
وربما أصبحت الرواية منطقية الآن حيث أنه بالنسبة لفتاة تبلغ من العمر 13 عاماً يعد رجل قد تجاوز مرحلة البلوغ بالنسبة لها مثل كائن ضخم ومخيف أو "وحش". وبذلك كانت الرواية طريقة لتطمين الفتيات ونصحهن بأنه حتى لو حدث هذا معهن عليهن محاولة صنع أفضل ما باستطاعتهن منه وألا يشعرن بالخوف أو كأنهن حكم عليهن بالموت.
وبحسب تاتار فإن هذه القطة تعلم الفتيات أهمية التركيز على الشخصية وجمال الحب، وأنه ليس بالضرورة أن يكون الشخص يافعاً أو حسن المظهر أو ممن قد تعجب به على الفور، إضافة لذلك تذكر تاتار أن ما سبق ذكره هو مجرد جانب واحد من الرسالة، الجانب الآخر الذي ترويه القصة هو أن المسخ والوحش هو تجسيد لقلقنا. حيث نصنع نحن هذه الوحوش ثم نصل لحالة سلام معهم.
وتشير تاتار أيضاً إلى أن جزءا من الرسالة هي إدراك أن الوحش الموجود ليس مخيفاً بالضرورة ، بل قد يكون الوحش بداخلنا وهو من يجب علينا الخوف منه. إن قمت بالتخلي عن ذلك ومواجهة مخاوفك، تكتشف عندها أنهم ليسوا بالضرورة مرعبين أو مخيفين كما كنت تعتقد.
وهكذا وباختصار فإن هذه القصة العائلية هي في الحقيقة عن الزواج المبكر أو زواج الأطفال وأيضاً عن تجسيد للخوف. وتبين أن القصة عميقة أكثر مما كنا نتوقع.